للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحمِلِ الخَبَثَ»، ولأنَّ ماءَ القُلَّتينِ يُمكنُ حِفظُه من النَّجاسةِ في الظُّروفِ، والكَثيرُ لا يُمكنُ حِفظُه من النَّجاسةِ فجُعلَت القُلَّتان حَدًّا فاصِلًا بينَهما.

ثم قالَ: وإنْ كانَت النَّجاسةُ ممَّا لا يُدركُها الطَّرفُ ففيها ثَلاثُ حالاتٍ:

من أَصحابِنا مَنْ قالَ: لا حُكمَ لها؛ لأنَّها لا يُمكنُ الاحتِرازُ منها، فهي كغُبارِ السِّرجِينِ.

ومنهم مَنْ قالَ: حُكمُها حُكمُ سائِرِ النَّجاساتِ؛ لأنَّها نَجاسةٌ مُتيقَّنةٌ فهي كالنَّجاسةِ التي يُدركُها الطَّرفُ.

ومنهم مَنْ قالَ: فيه قَولانِ:

كما بيَّنَ حُكمَه إنْ كانَ جاريًا فقالَ:

ب- وإنْ كانَ الماءُ جاريًا وفيه نَجاسةٌ جاريةٌ كالمَيتةِ الجِريةِ (١) المُتغيرةِ فالماءُ الذي قبلَها طاهِرٌ؛ لأنَّه لم يَصلْ إلى النَّجاسةِ فهو كالماءِ الذي يُصبُّ على النَّجاسةِ من إبريقٍ، والذي بعدَها طاهِرٌ أيضًا؛ لأنَّه لم تَصلْ إليه النَّجاسةُ، وأمَّا ما يُحيطُ بالنَّجاسةِ مِنْ فوقِها ومِن تحتِها وعن يمينِها وعن شمالِها؛ فإنْ كانَ قُلَّتينِ ولم يَتغيَّرْ فهو طاهِرٌ، وإنْ كانَ دونَهما فهو نَجسٌ كالراكِدِ.

وقالَ أبو العَباسِ بنُ القاصِّ: فيه قَولٌ آخَرُ قاله في القَديمِ: أنَّه لا يُنجسُ الماءُ الجارِي إلا بالتَّغيرِ؛ لأنَّه ماءٌ ورَدَ على النَّجاسةِ فلم يُنجَّسْ من غيرِ تَغيُّرٍ، كالماءِ المُزالِ به النَّجاسةُ.


(١) قالَ النوويُّ في «المجموع» (٢/ ١٢١): هي بكَسرِ الجِيمِ وهي الدَّفعةُ التي بينَ حافَّتَيِ النَّهرِ في العَرضِ، هكذا فسَّرَها أَصحابُنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>