للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلتُ: وقد نقَلَ ابنُ هُبيرةَ عن الإمامِ مالِكٍ أنَّه قالَ: إنْ كانَ يَستعينُ بما يَأخذُ منها على نَفقتِها فلا يَجوزُ، وإنْ كانَ يَصرِفُه على غيرِها أو نحوِ ذلك جازَ (١).

وحَكى القُرطبيُّ هذا القَولُ أو قَريبٌ منه عن أشهَبَ فقالَ: واختلَفوا في إِعطاءِ المَرأةِ زَكاتَها لزَوجِها فذكَرَ عن ابنِ حَبيبٍ أنَّه كان يَستعينُ بالنَّفقةِ عليها بما تُعطيه.

وقالَ أبو حَنيفةَ : لا يَجوزُ، وخالَفه صاحباه فقالا: يَجوزُ، وهو الأصَحُّ لِما ثبَتَ أنَّ زَينبَ امرأةَ عبدِ اللهِ أتَتْ رَسولَ اللهِ فقالَت: «إني أُريدُ أنْ أتصَدَّق على زَوجي أيُجزِئُني؟» فقالَ : «نَعم، لكِ أَجرانِ: أجرُ الصَّدقةِ وأجرُ القَرابةِ»، والصَّدقةُ المُطلَقةُ هي الزَّكاةُ؛ ولأنَّه لا نَفَقةَ للزَّوجِ عليها، فكانَ بمَنزِلةِ الأَجنبيِّ.

اعتَلَّ أبو حَنيفةَ فقالَ: مَنافِعُ المُلَّاكِ بينَهما مُشتَركةٌ حتى لا تُقبَلُ شَهادةُ أحَدِهما لصاحِبِه، والحَديثُ مَحمولٌ على التَّطوُّعِ.

وذهَبَ الشافِعيُّ وأبو ثَورٍ وأشهَبُ إلى إِجازةِ ذلك إذا لم يَصرِفْه إليها فيما يَلزمُه لها، وإنَّما يَصرِفُ ما يَأخذُه منها في نَفقتِه وكِسوَتِه على نَفسِه ويُنفِقُ عليها من مالِه (٢).


(١) «الإفصاح» (١/ ٣٧٤).
(٢) «تفسير القرطبي» (٨/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>