للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ أبو حَنيفةَ ومالِكٌ والشافِعيُّ وأحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه يَجوزُ دَفعُ الزَّكاةِ إلى مَنْ يَرثُه من أقارِبه كالإخوةِ والعُمومةِ وأَولادِهم ومن لا يَرثُه (١).

وذهَبَ الإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه لا يَجوزُ دَفعُ الزَّكاةِ إلى مَنْ يَرثُه من أقارِبه.

قالَ في «المُغني»: فأمَّا سائِرُ الأَقاربِ فمَن لا يُورَّثُ منهم يَجوزُ دَفعُ الزَّكاةِ إليه سَواءٌ كان انتِفاءُ الإرثِ لانتِفاءِ سَببِه لِكونِه بَعيدَ القَرابةِ ممَّن لم يُسمِّ لهم اللهُ تعالَى ولا رَسولُه مِيراثًا، أو كانَ لِمانِعٍ مثلَ أنْ يَكونَ مَحجوبًا عن المِيراثِ كالأخِ المَحجوبِ بالابنِ أو الأبِ والعَمِّ المَحجوبَينِ بالأخِ وابنِه وإنْ نزَلَ، فيَجوزُ دَفعُ الزَّكاةِ إليه؛ لأنَّه لا قَرابةَ جُزئيَّةً بينَهما ولا مِيراثَ، فأشبَها الأجانبَ، وإنْ كانَ بينَهما مِيراثٌ كالأخوَينِ اللذَين يَرثُ كلُّ واحِدٍ منهما الآخَرَ ففيه رِوايتانِ: إحداهُما: يَجوزُ لكلِّ واحِدٍ منهما دَفعُ زَكاتِه إلى الآخَرِ، وهي الظاهِرةُ عنه، رَواها عنه الجَماعةُ، قالَ في رِوايةِ إِسحاقَ بنِ إبراهيمَ وإِسحاقَ بنِ مَنصورٍ وقد سألَه: يُعطَى الأخُ والأُختُ والخالةُ من الزَّكاةِ؟ قالَ: يُعطَى كلُّ القَرابةِ إلا الأبوَينِ والوَلدَ، وهذا قَولُ أكثرِ أهلِ العِلمِ، قالَ أبو عُبيدٍ: هو القَولُ عِندي لقَولِ النَّبيِّ : «الصَّدقةُ على المِسكينِ صَدقةٌ وعلَى ذِي القَرابةِ اثنَتانِ: صَدقةٌ وَصلَةٌ» (٢).


(١) «تحفة الفقهاء» (١/ ٣٠٣)، و «الهداية» (١/ ١١٣)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٦٢)، و «فتح القدير» (٢/ ٢٢)، و «الإفصاح» (١/ ٣٧٤).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الترمذي (٦٥٨)، والنسائي (٢٥٨١)، وابن ماجه (١٨٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>