فأجابَ: بأنَّه لا يُعطَى من الزَّكاةِ، يَعني: على وَجهِ الشِّدةِ، ولو أُعطيَ لمَضى.
قالَ البُرزُليُّ: أَثرُ هذا الكَلامِ، ومثلِه أنَّ أهلَ المُجونِ إذا كانوا يَصرِفونَ الزَّكاةَ في مَحلِّها من ضَروريَّاتِهم، ولو كانوا يَصرِفونَها حيثُ لا تُرضَى غالِبًا، كأنْ يَشترِي بها خَمرًا أو يَقضيَ بها وَطرًا مُحرَّمًا ونحوَه، فلا تُعطَى لهم، ولا تُجزِئُ مَنْ أَعطاهم؛ لأنَّه يُتوصَّلُ بذلك إلى المَعصيةِ، ولا يُحلُّ ما أمَرَ اللهُ به، وما نَهى عنه. وهذا هو القَولُ بأنَّهم مُسلِمونَ، وعلى مَذهبِ مَنْ يُكفِّرُ تارِكَ الصَّلاةِ لا تُجزِئُ، ونَصَّ عليه ابنُ حَبيبٍ، وأهلُ الأَهواءِ يُسلَكُ بهم هذا المَسلَكُ الذي أصَّلناه.
وفي «النَّوادِر» عن أصبَغَ قالَ: ودَفعُ الزَّكاةِ إلى الأصلَحِ حالًا أَوْلى مِنْ دَفعِها إلى سَيئِ الحالِ إلا أنْ يُخشى عليه المَوتُ فيُعطَى، وإذا غلَبَ على الظَّنِّ أنَّ المُعطَى يُنفِقُها في المَعصيةِ لا يُعطَى ولا يُجزِئُ إنْ وقَعَت. انتَهى.
وقد سُئلَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميَّةَ ﵀: عن إِعطاءِ الزَّكاةِ لأَهلِ البِدعِ أو لمَن لا يُصلِّي، فقالَ:
يَنبَغي للإِنسانِ أنْ يَتحرَّى بها المُستحِقِّينَ من الفُقراءِ والمَساكينِ والغارِمينَ وغيرِهم من أهلِ الدِّينِ، المُتَّبِعين للشَّريعةِ فمَن أظهَرَ بِدعةً أو فُجورًا، فإنَّه يَستحِقُّ العُقوبةَ بالهَجرِ وغيرِه ويَستحِقُّ الاستِتابةَ، فكيف يُعانُ على ذلك.