للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبيُّ ، فلمَّا فرَغَ من حَجهِ جِئتُه فقالَ: يا أمَّ مَعقِلٍ، ما منَعَكِ أنْ تَخرُجِي معَنا؟ قالَت: لقد تهَيَّأنا فهلَكَ أبو مَعقِلٍ وكانَ لنا جَملٌ هو الذي نَحجُّ عليه، فأَوصَى به أبو مَعقِلٍ في سَبيلِ اللَّهِ، قالَ: فهلَّا خرَجْتِ عليه، فإنَّ الحَجَّ في سَبيلِ اللَّهِ … » الحَديثَ (١).

قالَ ابنُ قُدامةَ: فإنْ قُلنا: يُدفَعُ في الحَجِّ منها فلا يُعطَى إلَّا بشَرطَينِ:

أحَدُهما: أنْ يَكونَ مما ليسَ له ما يَحُجُّ به سِواها؛ لقَولِ النَّبيِّ : «لا تَحلُّ الصَّدقةُ لغَنيٍّ وَلا لذِي مِرةٍ سَويٍّ».

وقالَ: «لا تَحلُّ الصَّدقةُ لغَنيٍّ إِلا لخَمسةٍ»، ولم يَذكُرِ الحاجَّ منهم؛ ولأنَّه يَأخذُ لحاجَتِه لا لِحاجةِ المُسلِمينَ إليه، فاعتُبِرت فيه الحاجةُ كمَن يَأخذُ لفَقرِه.

والثاني: أنْ يَأخذَ لحَجةِ الفَرضِ، ذكَرَه أبو الخَطابِ؛ لأنَّه يَحتاجُ إلى إسقاطِ فَرضِه وإبراءِ ذِمَّتِه، أمَّا التَّطوُّعُ فله مَندوحةٌ عنه.

وقالَ القاضِي: ظاهِرُ كَلامِ أحمدَ جَوازُ ذلك في الفَرضِ والتَّطوُّعِ معًا، وهو ظاهِرُ قَولِ الخِرقيِّ؛ لأنَّ الكُلَّ من سَبيلِ اللهِ؛ ولأنَّ الفَقيرَ لا فَرضَ عليه، فالحَجةُ منه كالتَّطوُّعِ، فعلى هذا يَجوزُ أنْ يَدفعَ إليه ما يَحُجُّ به حَجةً كامِلةً، وما يُغنِيهِ في حَجِّه، ولا يَجوزُ أنْ يَحُجَّ من زَكاةِ نَفسِه، كما لا يَجوزُ أنْ يَغزوَ بها (٢).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (١٩٨٩)، وغيره.
(٢) «المغني» (٦/ ٣٣٤)، و «المبدع» (٢/ ٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>