للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ أحمدُ : يُقضى من الزَّكاةِ دَينُ الحَيِّ ولا يُقضى منها دَينُ الميِّتِ؛ لأنَّ الميِّتَ لا يَكونُ غارِمًا، قيلَ: فإنَّما يُعطَى أهلُه؟ قالَ: إن كانَت على أهلِه فنَعم (١).

وهذا يَكونُ بِناءً على أنَّ أصلَ الزَّكاةِ التَّمليكُ، قالَ السَّرخسيُّ : والأصلُ فيه أنَّ الواجِبَ فيه فِعلُ الإِيتاءِ في جُزءٍ من المالِ، ولا يَحصلُ الإِيتاءُ إلا بالتَّمليكِ، فكلُّ قُربةٍ خلَت عن التَّمليكِ لا تُجزِئُ عن الزَّكاةِ، كقَضاءِ دَينِ الميِّتِ فإنَّه لا يَملِكُ الميِّتُ شَيئًا، وما يَأخذُه صاحِبُ الدَّينِ يَأخذُه عِوضًا عن مِلكِه، وكذلك تَكفينُ الميِّتِ فإنَّه ليسَ فيه تَمليكٌ من الميِّتِ، فإنَّه ليسَ مِنْ أهلِ المِلكِ ولا مِنْ الوَرثةِ؛ لأنَّهم لا يَملِكونَ ما هو مَشغولٌ بحاجةِ الميِّتِ (٢).

وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في الوَجهِ الثاني والإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ اختارَها شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميَّةَ إلى جَوازِ دَفعِ الزَّكاةِ لقَضاءِ دَينِ الميِّتِ الذي لم يَتركْ وَفاءً إنْ تمَّت فيه شُروطُ الغارِمِ لعُمومِ الآيةِ؛ ولأنَّه يَصحُّ التَّبرعُ بقَضاءِ دَينِه كالحَيِّ. بل قالَ بعضُ المالِكيةِ: بل هو أَوْلى من دَينِ الحَيِّ في أخذِه من الزَّكاةِ؛ لأنَّه لا يُرجى قَضاؤُه بخِلافِ الحَيِّ.


(١) «المغني» (٣/ ٤٤٢)، وينظر: الزرقاني (٢/ ١٧٨)، و «الذخيرة» (٣/ ١٤٨)، و «تفسير البحر المحيط» (٥/ ٦١)، و «المجموع» (٧/ ٣٤٧)، و «روضة الطالبين» (٢/ ٣١٨)، و «الدر المختار» (٢/ ٣٤٤)، و «تبيين الحقائق» (١/ ٣٠٠)، و «البحر الرائق» (٢/ ٢٦١)، و «حاشية الطحطاوي» (١/ ٤٧٤).
(٢) «المبسوط» (٢/ ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>