للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمَّا إنِ احتيجَ إلى إِعطائِهم جازَ الدَّفعُ إليهم، فلا يَجوزُ الدَّفعُ إليهم إلا مع الحاجةِ (١).

وقالَ الحَنفيةُ: إنَّ سَهمَهم سقَطَ من الزَّكاةِ بعدَ وَفاءِ رَسولِ اللهِ في خِلافةِ الصِّدِّيقِ لمَّا منَعَهم عُمرُ وانعَقدَ عليه إِجماعُ الصَّحابةِ، وذلك لزَوالِ العِلةِ، وهي إِعزازُ الدِّينِ، فهو مِنْ قَبيلِ انتِهاءِ الحُكمِ لِانتِهاءِ عِلتِه الغائِيَّةِ التي كانَ لِأجلِها الدَّفعُ، فإنَّ الدَّفعَ كانَ للإِعزازِ، وقد أعَزَّ اللهُ الإِسلامَ وأغنَى عنهم (٢).

ثم اختَلفوا فيمَن هُم؟ هل هُمْ كُفارٌ أو مُسلِمونَ؟

ففي قَولٍ للمالِكيةِ: المُؤلَّفةُ قُلوبُهم كُفارٌ يُعطَونَ تَرغيبًا لهم في الإِسلامِ لأجلِ أنْ يُعينوا المُسلِمينَ، فعليه لا تُعطَى الزَّكاةُ لمَن أسلَمَ فِعلًا.

وقالَ الشافِعيةُ في الصَّحيحِ من المَذهبِ: لا يُعطَى من هذا السَّهمِ لكافِرٍ أصلًا؛ لأنَّ الزَّكاةَ لا تُعطَى لكافِرٍ؛ للحَديثِ: «تُؤخذُ مِنْ أَغنِيائِهم وتُردُّ على فُقرائِهم» (٣). بل تُعطَى لمَن أسلَمَ فِعلًا، وهناك أَقوالٌ أُخرى للشافِعيةِ.

وقالَ الحَنابِلةُ: وهو قَولٌ لكلٍّ من المالِكيةِ والشافِعيةِ: يَجوزُ الإِعطاءُ من الزَّكاةِ للمُؤلَّفِ مُسلِمًا كانَ أو كافِرًا.


(١) «المغني» (٦/ ٣٢٨)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ٤٩٥)، و «بلغة السالك» (١/ ٤٢٧)، و «المجموع» (٧/ ٣٢٩، ٣٣٠)، و «الإفصاح» (١/ ٣٦٢).
(٢) «بدائع الصنائع» (٢/ ٤٩١)، و «البحر الرائق» (٢/ ٢٥٨)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٣٤٢).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>