للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ الزَّكاةَ مُجزِئةٌ؛ لأنَّ كلتَيْهما عِبادةٌ مَأمورٌ بها تَفتقِرُ لِلنيَّةِ، وإنْ كانَ ليسَ من هذا القَبيلِ لا تُجزِئُ عن رَبِّها لِافتِقارِها لِلنيَّةِ على الصَّحيحِ من المَذهبِ لِأجلِ شائِبةِ العِبادةِ.

وعلى القَولِ بعَدم اشتِراطِ النِّيةِ فيها يَنبَغي أنْ يُجزِئَ فِعلُ الغَيرِ مُطلَقًا كالدَّينِ والوَديعةِ ونَحوِهما مما تقدَّمَ في القِسمِ المُجمَعِ عليه، وهذا القَولُ -أَعني عَدمَ اشتِراطِ النيَّةِ- قالَه بعضُ أَصحابِنا وقاسَه على الدُّيونِ، واستدَلَّ بأخذِ الإمامِ لها كَرهًا على عَدمِ اشتِراطِ النيَّةِ وباشتِراطِها، قالَ مالِكٌ والشافِعيُّ وأبو حَنيفةَ وأحمدُ بنُ حَنبلٍ : لِما فيها من شائِبةِ التَّعبُّدِ من جِهةِ مَقاديرِها في نِصابِها والواجِبِ فيها وغيرِ ذلك، انتَهى (١).

ولا يُقالُ في كَلامِ القَرافِيِّ في الفَرقِ بينَ الأُضحيَّةِ والزَّكاةِ: إنَّ الأُضحيَّةَ تَعيَّنت لأنَّ المَشهورَ أنَّها لا تَتعيَّنُ إلا بالذَّبحِ والنَّذرِ فتأمَّلْه، وقالَ المازريُّ في شَرحِ التَّلقينِ في أوَّلِ كِتابِ الوَكالةِ لمَّا أنْ تَكلَّمَ على الأَشياءِ التي تَجوزُ فيها الوَكالةُ: وأمَّا الزَّكاةُ فإنَّها تَصحُّ النِّيابةُ فيها من مالِ مَنْ يَنوبُ عنه، ومِن مالِ مَنْ وجَبَت عليه الزَّكاةُ، وإنْ كانَت من القُرباتِ فهي عِبادةٌ ماليَّةٌ، وقد استَنابَ النَّبيُّ عليًّا على نَحرِ البُدنِ ونَحرِها قُربةً. انتَهى (٢).

ثم قالَ: قالَ ابنُ فَرحونَ في «أَلغازِه»: فإنْ قُلتَ: هل يُجزِئُ إِخراجُ الأبِ زَكاةَ الفِطرِ عن وَلدِه الغَنيِّ أو لا؟ قُلتُ: الجَوابُ فيها بالإِجزاءِ أو بالنَّفيِ خَطأٌ.


(١) «الفروق» (٣/ ٣٣٦).
(٢) «مواهب الجليل» (٢/ ٣٥٦، ٣٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>