قالوا: فهذا صَريحٌ في أنَّ العَنبَرَ لا شَيءَ فيه، والعَنبَرُ مُستخرَجٌ من البَحرِ، فكذلك غيرُه من مَعادِنِ البَحرِ لا شَيءَ فيه؛ إذْ لا فَرقَ بينَ مَعدِنٍ وآخَرَ من مَعادِنِ البَحرِ؛ ولأنَّ العَنبَرَ كانَ يُخرَجُ على عَهدِ رَسولِ اللهِ ﷺ وخُلفائِه فلم يأتِ فيه سُنةٌ عنه ولا عنهم من وَجهٍ صَحيحٍ.
ولأنَّ الأصلَ عَدمُ وُجوبِ شَيءٍ فيه ما لم يَردْ به نَصٌّ؛ ولأنَّه عَفوٌ قياسًا على العَفوِ من صَدقةِ الخَيلِ.
وذهَبَ الإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ وأبو يُوسفَ من الحَنفيةِ إلى وُجوبِ الخُمسِ في اللُّؤلؤِ والعَنبرِ وكلِّ حِليةٍ تَخرُجُ من البَحرِ؛ لِما رُوي عن يَعلى بنِ أُمَيةَ:«أنَّه كتَبَ إلى عُمرَ بنِ الخَطابِ ﵁ يَسألُه عن عَنبَرٍ وُجدَ على الساحِلِ، فكتَبَ إليه في جَوابِه أنَّه مالُ اللهِ يُؤتيه مَنْ يَشاءُ، وفيه الخُمسُ»؛ ولأنَّه نَماءٌ يَتكامَلُ عاجِلًا فاقتَضى أنَّه يَجبُ فيه الخُمسُ كالرِّكازِ؛ ولأنَّ الأَموالَ المُستفادَةَ نَوعانِ: من بَرٍّ وبَحرٍ، فلمَّا وجَبَت زَكاةُ ما استُفيدَ من البَرِّ اقتَضى أنْ تَجِبَ زَكاةُ ما استُفيدَ من البَحرِ (١).
أمَّا السَّمكُ فقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: فلا شَيءَ فيه بحالٍ في قَولِ أهلِ العِلمِ كافَّةً إلا شَيئًا يُروى عن عُمرَ بنِ عبدِ العَزيزِ رَواه أبو عُبيدٍ عنه وقالَ: ليسَ الناسُ على هذا، ولا نَعلَمُ أَحدًا يَعمَلُ به، وقد رُوي ذلك عن أحمدَ أيضًا، والصَّحيحُ: أنَّ هذا لا شَيءَ فيه؛ لأنَّه صَيدٌ، فلم يَجبْ فيه زَكاةٌ، كصَيدِ