للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا إذا استَعارَها وزرَعَها فيَجبُ العُشرُ على المُستعيرِ إذا كانَ المُستعيرُ مُسلِمًا، فإنْ كانَ ذِميًّا فهو على رَبِّ الأرضِ؛ لأنَّ المُستعيرَ قامَ مَقامَ المالِكِ في الاستِنماءِ فيَقومُ مَقامَه في العُشرِ بخِلافِ المُؤجِّرِ؛ لأنَّه حصَلَ له عِوضُ مَنافِعِ أرضِه (١).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ والصاحِبانِ من الحَنفيةِ إلى أنَّ العُشرَ على المُستعيرِ والمُستأجِرِ؛ لأنَّ العُشرَ حَقُّ الزَّرعِ لا حَقُّ الأرضِ، والمالِكَ لم يَخرُجْ له حَبٌّ ولا ثَمرٌ، فكيفَ يُزكِّي زَرعًا لا يَملِكُه بل هو لغيرِه؟!

ولأنَّ اللهَ تعالَى قالَ: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ فخاطَبَ أَصحابَ الزَّرعِ بأداءِ الزَّكاةِ؛ ولأنَّه عُشرٌ وجَبَ على الزَّرعِ لِأجلِه؛ فكانَ على صاحِبِ الزَّرعِ؛ ولأنَّه حَقٌّ يُصرَفُ في الأَصنافِ المُسمَّاةِ في الصَّدقاتِ؛ فكانَ المُخاطَبُ به المالِكَ دونَ غيرِه، كزَكاةِ المالِ؛ ولأنَّه حُرٌّ مُسلمٌ خرَجَ له نِصابُ زَرعٍ تَجبُ في جِنسِه الزَّكاةُ، فوجَبَ أنْ يَلزمَه العُشرُ فيه، كما لو كانَت الأرضُ مِلكًا لغيرِه (٢).


(١) «فتح القدير» (٢/ ٨)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٥٥)، و «مجمع الضمانات» (٥٥).
(٢) «فتح القدير» (٢/ ٨)، و «ابن عابدين» (٢/ ٥٥)، و «مجمع الضمانات» (٥٥)، و «الإشراف» (١/ ١٧٤)، و «الإفصاح» (١/ ٣٢٥)، والدسوقي (١/ ٤٤٧)، و «المجموع» (٧/ ٦٢)، و «المغني» (٣/ ٥١٦)، و «كشاف القناع» (٢/ ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>