للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أيَّدَ ابنُ العَربيِّ المالِكيُّ مَذهبَ أَبي حَنيفةَ هذا في «أَحكام القُرآنِ» (١) وفي شَرحِ التِّرمذيِّ قالَ : وأقوى المَذاهبِ في المَسألةِ مَذهبُ أَبي حَنيفةَ دَليلًا، وأحوَطُها للمَساكينِ، وأَولاها قيامًا بشُكرِ النِّعمةِ، وعليه يَدلُّ عُمومُ الآيةِ والحَديثِ (٢).

وفي تَفسيرِ آيةِ: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: ١٤١] أطالَ القَولَ في تَأييدِ مَذهبِ أَبي حَنيفةَ والرَّدِّ على المَذاهبِ الأُخرى.

قال: أمَّا أبو حَنيفةَ فجعَلَ الآيةَ مِرآتَه، فأبصَرَ الحَقَّ فأَوجبَها في المَأكولِ قُوتًا كانَ أو غَيرَه، وبيَّنَ النَّبيُّ ذلك في عُمومِ قَولِه: «وفِيما سَقَت السَّماءُ العُشرُ» … إلخ كَلامِه (٣).

وذهَبَ أبو يُوسفَ ومُحمدٌ صاحِبا أَبي حَنيفةَ إلى أنَّ الزَّكاةَ لا تَجبُ إلا في الحُبوبِ وما له ثَمرةٌ باقيةٌ، وهي ما تبَقَّى عَينُه حَولًا من غيرِ تَكلُّفٍ ولا تَشميسٍ مما يُقتاتُ كالحِنطةِ والشَّعيرِ والذُّرةِ والدُّخنِ والأرُزِّ والجاورسِ والعَدسِ والماشِ واللُّوبيا -وهي الدُّخنُ- والحِمَّصِ والبُرَعيِّ والهِندِباءِ والتَّمرِ والزَّبيبِ وما أشبَهَ ذلك ممَّا يُقصدُ به الأكلُ وهو يَبقى سَنةً أو يُنتفَعُ به انتِفاعًا عامًّا كالزَّعفرانِ والعُصفُرِ والفُلفُلِ والكَمُّونِ والخَردلِ والكُزبَرةِ، ففيه العُشرُ وفي السِّمسِمِ العُشرُ، فإنْ عُصرَ قبلَ أنْ يُؤخذَ منه العُشرُ أُخذَ من


(١) «أحكام القرآن» (٧٥٥، ٧٦٤).
(٢) «شرح سنن الترمذي» (٣/ ١٣٥).
(٣) «أحكام القرآن» (٢/ ٢٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>