وإنْ كانَ غيرَ مُحدِثٍ يَصيرُ الماءُ مُستعمَلًا عندَ أبي حَنيفةَ وأبي يُوسفَ ومُحمدٍ؛ لوُجودِ إِقامةِ القُربةِ، لكَونِ الوُضوءِ على الوُضوءِ نُورًا على نُورٍ.
وعندَ زُفرَ: لا يَصيرُ الماءُ مُستعمَلًا لانعِدامِ إِزالةِ الحَدثِ.
ثانيًا: إذا توضَّأَ أو اغتسَلَ للتبَرُّدِ؛ فإنْ كانَ مُحدِثًا صارَ الماءُ مُستعمَلًا عندَ أبي حَنيفةَ وأبي يُوسفَ وزُفرَ؛ لوُجودِ إِزالةِ الحَدثِ.
وعندَ مُحمدٍ لا يَصيرُ مُستعمَلًا لعَدمِ إِقامةِ القُربةِ، وإنْ لم يَكنْ مُحدِثًا لا يَصيرُ مُستعمَلًا بالاتِّفاقِ.
ثالِثًا: إذا توضَّأَ بالماءِ المُقيَّدِ كماءِ الوَردِ ونَحوِه لا يَصيرُ مُستعمَلًا بالاتِّفاقِ؛ لأنَّ التَّوضُّؤَ به غيرُ جائِزٍ، فلم يُوجدْ إِزالةُ الحَدثِ ولا إِقامةُ القُربةِ.
رابِعًا: إذا غسَلَ الأشياءَ الطاهِرةَ من النَّباتِ والثِّمارِ والأَواني والأَحجارِ ونَحوِها، أو غسَلَ يَدَه من الطِّينِ والوَسخِ، أو غسَلَت المَرأةُ يَدَها من العَجينِ أو الحِناءِ ونَحوِ ذلك، لا يَصيرُ الماءُ مُستعمَلًا.
والماءُ المُستعمَلُ عندَ الحَنفيةِ ليسَ بطَهورٍ لحَدثٍ، بل لخَبثٍ على الراجِحِ المُعتمَدِ؛ فإنَّه يَجوزُ إِزالةُ النَّجاسةِ الحَقيقيةِ به (١).
(١) «بدائع الصنائع» (١/ ٢٤٤، ٢٤)، و «حاشية ابن عابدين» (١/ ٣٤٨، ٣٥٣)، و «مختصر القدوري» (١٣) مع بقية المصادر السابقة. قالَ الحافظُ في «الفتح» (١/ ٣٥٥): قَولُ مَنْ قالَ بنَجاسةِ الماءِ المُستعمَلِ هو أبو يُوسفَ وحَكى الشافِعيُّ في «الأُم» عن مُحمدِ بنِ الحَسنِ أنَّ أبا يُوسفَ رجَعَ عنه ثم رجَعَ إليه بعدَ شَهرَينِ، وعن أبي حَنيفةَ ثَلاثُ رِواياتٍ: الأُولى: طاهِرٌ لا طَهورٌ، وهي رِوايةُ مُحمدِ بنِ الحَسنِ عنه، وهو قَولُه وقَولُ الشافِعيِّ في الجَديدِ، وهو المُفتَى به عندَ الحَنفيةِ. والثاني: نَجسٌ نَجاسةً خَفيفةً، وهي رِوايةُ أبي يُوسفَ عنه. والثالِثُ: نَجسٌ نَجاسةً غَليظةً.