للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ الجُمهورُ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّها لا تَجبُ فيها زَكاةٌ؛ لأنَّ في المَعلوفةِ تَتراكَمُ المُؤنةُ، فيَنعدِمُ النَّماءُ من حيثُ المَعنى، إلا أنْ يُعِدَّها لِلتِّجارةِ فيَكونَ فيها زَكاةُ التِّجارةِ.

وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّ الزَّكاةَ تَجبُ فيها مُطلَقًا سَواءٌ كانَت سائِمةً أو غيرَ سائِمةٍ.

قال ابنُ رُشدٍ : وسَببُ اختِلافِهم: مُعارَضةُ المُطلَقِ للمُقيَّدِ، ومُعارَضةُ القياسِ لعُمومِ اللَّفظِ.

أمَّا المُطلَقُ: فقَولُه : «في أَربَعينَ شَاةً شَاةٌ» (١).

وأمَّا المُقيَّدُ: فقَولُه : «في سَائمَةِ الغَنمِ الزَّكاةُ» (٢).

فمَن غلَبَ المُطلَقَ على المُقيَّدِ قالَ: الزَّكاةُ في السائِمةِ وغَيرِ السائِمةِ، ومَن غلَبَ المُقيَّدَ قالَ: الزَّكاةُ في السائِمةِ منها فقط.

ويُشبِهُ أنْ يُقالَ: إنَّ من سَببِ الخِلافِ في ذلك أيضًا مُعارَضةُ دَليلِ الخِطابِ للعُمومِ، وذلك أنَّ دَليلَ الخِطابِ في قَولِه : «في سَائمَةِ الغَنمِ الزَّكاةُ»، يَقتَضي أنَّه لا زَكاةَ في غيرِ السائِمةِ، وعُمومَ قَولِه : «في أَربَعينَ شاةً شاةٌ» يَقتَضي أنَّ السائِمةَ في هذا بمَنزِلةِ غيرِ السائِمةِ، لكنَّ العُمومَ أَقوى من دَليلِ الخِطابِ، كما أنَّ تَغليبَ المُقيَّدِ على المُطلَقِ أشهَرُ من تَغليبِ المُطلَقِ على المُقيَّدِ.


(١) رواه أبو داود (١٥٦٨)، وابن ماجه (١٨٠٥)، والترمذي (٦٢١)، وغيرُهم وصحَّحه الألبانِيُّ في «صَحيحِ ابن ماجه» (١٤٦١).
(٢) رواه أبو داود (١٥٦٧)، وصحَّحه الألبانِيُّ في «صَحيحِ أبي داود» (١٣٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>