يَمنَعُ وُجوبَ الزَّكاةِ في الأَموالِ الباطِنةِ، ولو كانَ الدَّينُ من غيرِ جِنسِها كما صرَّحَ بذلك المالِكيةُ.
وأمَّا الأَموالُ الظاهِرةُ -وهي السائِمةُ والثِّمارُ والحُبوبُ والمَعادِنُ- فذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في قَولٍ إلى أنَّ الدَّينَ لا يَمنَعُ وُجوبَ الزَّكاةِ فيها؛ لأنَّ المُصدِّقَ إذا جاءَ فوجَدَ إبِلًا أو بَقرًا أو غَنمًا لم يَسألْ: أيُّ شَيءٍ على صاحِبِها من الدَّينِ؟ وليسَ المالُ هكذا، والفَرقُ بينَ الأَموالِ الظاهِرةِ والباطِنةِ أنَّ تَعلُّقَ الزَّكاةِ بالظاهِرةِ آكَدُ لظُهورِها وتَعلُّقِ قُلوبِ الفُقراءِ بها.
واستَثنَى الحَنابِلةُ على هذه الرِّوايةِ الدَّينَ الذي استَدانَه المُزكِّي لِلإنفاقِ على الزَّرعِ والثَّمرِ فإنَّه يُسقِطُه.
وذهَبَ الحَنابِلةُ في الرِّوايةِ الثانيةِ إلى أنَّ الدَّينَ يَمنَعُ الزَّكاةَ في الأَموالِ الظاهِرةِ والباطِنةِ جَميعًا.
وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ الدَّينَ يَمنَعُ الزَّكاةَ في الأَموالِ الباطِنةِ وفي السَّوائمِ، أمَّا ما وجَبَت في الخارجِ من الأرضِ فلا يَمنَعُه الدَّينُ كما لا يَمنَعُ الخَراجَ، وذلك لأنَّ العُشرَ والخَراجَ مُؤنةُ الأرضِ، ولذا يَجِبانِ في الأرضِ المَوقوفةِ وأرضِ المُكاتَبِ، ولو لم تَجبْ فيها الزَّكاةُ.
قال الحَدَّاديُّ ﵀: قالَ الصَّيرَفيُّ ﵀: وأجمَعوا أنَّ الدَّينَ لا يَمنَعُ وُجوبَ العُشرِ (١).