للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن طَريقِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ مَهديٍّ عن سُفيانَ الثَّوريِّ عن أَبي الزِّنادِ عن عِكرِمةَ قالَ: «ليسَ في الدَّينِ زَكاةٌ» (١).

ورَوى ابنُ أَبي شَيبةَ عن أَبي مُعاويةَ عن حجَّاجٍ عن عَطاءٍ قالَ: «ليسَ على صاحِبِ الدَّينِ الذي هو له ولا الذِي هو عليه زَكاةٌ» (٢).

وذلك؛ لأنَّه غيرُ نامٍ، فلم تَجبْ زَكاتُه، كعُروضِ القِنيةِ (٣).

قال الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : وأمَّا المالُ الهالكُ، وهو المَجحودُ المَغصوبُ والمَدفونُ في صَحراءَ، والضائِعُ في مَفازةٍ أو غيرِها ونَحوُ ذلك، مما قد كانَ يئِسَ منه صاحِبُه ثم وجَدَه بعدَ سِنينَ فإنَّه يُزكِّيه لكُلِّ سَنةٍ، وقد قيل: لا زَكاةَ عليه فيه لِما مَضى، وإنْ زكَّاه لِعامٍ واحِدٍ فحَسنٌ، كلُّ ذلك


(١) رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (١٠٢٥٨).
(٢) رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (١٠٢٦١).
(٣) قال الإمامُ ابنُ حَزمٍ في «المُحلَّى» (٦/ ١٠٣، ١٠٦): مَنْ كان له دَينٌ على غَيرِه فسَواءٌ كان حالًّا أو مُؤجَّلًا عندَ مَليءٍ مُقِرٍّ يُمكِنُه قَبضُه أو مُنكِرٍ أو عندَ عَديمٍ مُقِرٍّ أو مُنكِرٍ، كلُّ ذلك سَواءٌ ولا زَكاةَ فيه على صاحبِه ولو أقام عنه سِنينَ حتى يَقبِضَه، فإذا قبَضه استأنَف به حَولًا كسائِرِ الفَوائِدِ ولا فَرقَ، فإنْ قبَض منه مالًا تَجِبُ فيه الزَّكاةُ فلا زَكاةَ فيه لا حينَئِذٍ ولا بعدَ ذلك، الماشيةُ والذَّهبُ والفِضَّةُ في ذلك سَواءٌ، وأمَّا النَّخلُ والزَّرعُ فلا زَكاةَ فيه أصلًا؛ لأنَّه لم يَخرُجْ من زَرعِه ولا من ثِمارِه … وأمَّا قَولُنا: فقد رَوَيْنا قبلُ عن عائِشةَ أُمِّ المُؤمِنين مِثلَه وعن عَطاءٍ. ثم قال: إنَّما لِصاحِبِ الدَّينِ عندَ غَريمِه عَددٌ في الذِّمَّةِ وصِفةٌ فَقط، وليس له عندَه عَينُ مالٍ أصلًا، ولَعلَّ الفِضَّةَ أو الذَّهبَ اللَّذَيْن له عندَه في المَعدِن بعدُ، والفِضَّةُ تُرابٌ بعدُ، ولعلَّ المَواشيَ التي له عليه لم تُخلَقْ بَعدُ فكيف تَلزمُه زَكاةُ ما هذه صِفتُه، فصَحَّ أنَّه لا زَكاةَ عليه في ذلك، وباللهِ تَعالى التَّوفيقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>