للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتَحصيلُ الحاصِلِ بالنِّسبةِ له مُحالٌ، فتعيَّنَ أنْ يَكونَ المُرادُ به المُطهِّرَ لغيرِه.

واستدَلَّ الحَنفيةُ على أنَّ الطَّهورَ هو الطاهِرُ بما يأتي:

أولًا: بقَولِه تَعالى: ﴿وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا﴾ [الإنسان: ٢١]. ومَعلومٌ أنَّ أهلَ الجَنةِ لا يَحتاجونَ إلى التَّطهيرِ من حَدثٍ ولا نَجسٍ، فعُلمَ أنَّ المُرادَ بالطَّهورِ هو الطاهِرُ (١).

ثانيًا: قَولُ جَريرٍ في وَصفِ النِّساءِ:

عِذابِ الثَّنايا رِيقُهنَّ طَهورُ

والرِّيقُ لا يُتطهَّرُ به، وإنَّما أرادَ به الطاهِرَ (٢).

قالَ النَّوويُّ : أجابَ أَصحابُنا عن قَولِه تَعالى: ﴿شَرَابًا طَهُورًا﴾ [الإنسان: ٢١]، بأنَّه «تَعالى» وصَفَه بأعلى الصِّفاتِ، وهي: التَّطهيرُ، وكذا قَولُ جَريرٍ حُجةٌ لنا؛ لأنَّه قصَدَ تَفضيلَهنَّ على سائِرِ النِّساءِ، فوَصَف رِيقَهنَّ بأنَّه مُطهِّرٌ يُتطهَّرُ به لكَمالِهنَّ وطِيبِ رِيقِهنَّ، وامتِيازِه على غيرِه، ولا يَصحُّ حَملُه على ظاهِرِه؛ فإنَّه لا مَزيةَ لهُنَّ في ذلك؛ فإنَّ كلَّ النِّساءِ رِيقُهنَّ طاهِرٌ، بل البَقرُ والغَنمُ وكلُّ حَيوانٍ غيرِ الكَلبِ والخِنزيرِ (٣).


(١) «البحر الرائق» (١/ ٧٠)، و «الذخيرة» (١/ ١٦٩)، و «المجموع» (٢/ ٢٢)، و «الحاوي الكبير» (١/ ٣٨).
(٢) المصادر السابقة.
(٣) «المجموع» (٢/ ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>