بعدَه»، وقالَ أبو علِيِّ بنُ أَبي هُريرةَ مِنْ أَصحابِنا: كانَ المُتقدِّمونَ يَقولونَ في الرابِعةِ: (رَبَّنا آتِنا في الدُّنْيا حَسنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ).
قال: وليسَ ذلك بمَحكيٍّ عن الشافِعيِّ، فإنْ فعَلَه كانَ حسَنًا.
قُلتُ: يَكفي: في حُسنِه ما قدَّمناه في حَديثِ أنسٍ في بابِ دُعاءِ الكَربِ واللهُ ﷾ أعلَمُ.
قُلتُ -أي: قالَ النَّوويُّ-: ويُحتَجُّ للدُّعاءِ في الرابِعةِ بما رَوَيناه في السُّننِ الكَبيرِ لِلبَيهَقيِّ عن عبدِ اللهِ بنِ أَبي أوْفى ﵁: «أنَّه كبَّرَ على جنازةِ ابنةٍ له أربَعَ تَكبيراتٍ، فقامَ بعدَ الرابِعةِ كقَدْرِ ما بَينَ التَّكبرتَينِ يَستَغفِرُ لها ويَدعو، ثم قالَ: كانَ رَسولُ اللهِ ﷺ يَصنَعُ هكذا»، وفي رِوايةٍ:«كبَّرَ أربَعًا فمكَثَ ساعةً حتى ظَننَّا أنَّه سيُكبِّرُ خَمسًا، ثم سلَّمَ عن يَمينِه وعن شِمالِه فلمَّا انصَرَف قُلنا له: ما هذا؟ فقالَ: إنِّي لا أزيدُكم على ما رأيتُ رَسولَ اللهِ ﷺ يَصنَعُ، أو هكذا صنَعَ رَسولُ اللهِ ﷺ»(١).
أمَّا الحَنابِلةُ، فقالَ البُهوتيُّ ﵀: ويَقِفُ بعدَ التَّكبيرةِ الرابِعةِ قَليلًا لِما رَوى الجُوزَجانِيُّ عن زَيدِ بنِ أرقَمَ أنَّ النَّبيَّ ﷺ كانَ يُكبِّرُ أربَعًا ثم يَقفُ ما شاءَ اللهُ، أحسَبُ أنَّ هذه الوَقفةَ ليُكبِّرَ آخِرُ الصُّفوفِ، ولا يَدعو، أي: لا يُشرَعُ بعدَها دُعاءٌ.