للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَبا بَكرٍ وعمرَ يَمشونَ أمامَ الجنازةِ» (١)، ولأنَّه شَفيعٌ لِلميِّتِ، والشَّفيعُ يَتقدَّمُ على المَشفوعِ له.

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ المَشيَ خلفَها أفضَلُ؛ لقَولِه : «واتَّبِعُوا الجَنائِزَ»، ولا يُسمَّى المُقدَّمُ تابِعًا، بل مَتبوعًا.

ولقَولِ علِيٍّ : «المَشيُ خلفَها أفضَلُ مِنْ المَشيِ أَمامَها، كفَضلِ المَكتوبَةِ على التَّطوُّعِ -وفي رِوايةٍ: كفَضْلِ صَلاةِ الرَّجلِ في جَماعَةٍ على صَلاتِهِ فَذًّا» (٢).

وبما رُوِيَ عن ابنِ مَسعودٍ أنَّه كانَ يَقولُ: سأَلنا رَسولَ اللهِ عن السَّيرِ في الجنازةِ، فقالَ: «الجنازةُ مَتْبُوعَةٌ وليسَت بِتابِعَةٍ، ليسَ مَعها مَنْ تَقدَّمَها» (٣).

ثم اختلَفوا في الراكِبِ يَمشي مع الجنازةِ بعدَ اتِّفاقِهم على أنَّ المَشيَ أفضَلُ؛ لأنَّه المَعهودُ عنه ، ولَم يَرِدْ أنَّه رَكِب معها، بل قالَ ثَوبانُ: إنَّ رَسولَ اللهِ أُتِيَ بِدابَّةٍ وهو مع الجنازةِ، فأَبى أَنْ يَركَبَها، فلمَّا انْصَرَفَ أُتِيَ بِدابَّةٍ فركِبَ، فقِيلَ له، فقالَ: «إِنَّ المَلائِكةَ


(١) حَديثٌ صَحيحٌ: رواه أبو داود (٣١٧٩)، والترمذي (١٠٠٧، ١٠٠٨)، والنسائي (١٩١٤)، وابن ماجه (١٤٨٢)، وأحمد (٢/ ٨).
(٢) حَديثٌ حَسنٌ: رواه ابن أبي شيبة (٢/ ٤٧٧)، والطحاوي في «شرح المشكل» (١٤٨٢)، والبيهقي (٤/ ٢٥).
(٣) حَديثٌ ضَعيفٌ: رواه أبو داود (٣١٨٤)، والترمذي (١٠١١)، وابن ماجه (١٤٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>