للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ عندَهم وأحمدُ في رِوايةٍ إلى القولِ بأنَّها سُنةٌ مُؤكَّدةٌ؛ لمَا رَوى طَلحةُ بنُ عُبيدِ اللهِ : أنَّ رَجلًا جاءَ إلى رَسولِ اللهِ مِنْ أَهلِ نَجدٍ، فإذا هو يَسألُ عن الإِسلامِ، فقالَ رَسولُ اللهِ : «خَمسُ صَلواتٍ في اليَومِ واللَّيلَةِ، فقالَ: هل علَيَّ غيرُهنَّ؟ قالَ: لَا، إلا أَنْ تطَّوَّع … » الحَديثَ (١). قالَ النَّوويُّ: ووَجهُ الدِّلالةِ مِنْ الحَديثِ: أنَّ النَّبيَّ أخبَرَه أنَّه لا فَرضَ سِوى الخَمسِ، فلو كانَ العِيدُ فَرضَ كِفايةٍ لَمَا أطلَقَ هذا الإطلاقَ؛ لأنَّ فَرضَ الكِفايةِ واجِبٌ على جَميعِهم، ولكِن يَسقطُ الحَرجُ بفِعلِ بعضِهم، ولهذا لو تَرَكُوه كلُّهم عَصَوا (٢).

ولأنَّها صَلاةٌ مُؤقَّتةٌ لا تُشرَعُ لها الإِقامةُ، فلم تَجبْ بالشَّرعِ كصَلاةِ الضُّحَى (٣).

وذهَبَ الحَنابلَةُ في المَذهبِ عندَهم وبعضُ المالِكيةِ وأبو سَعيدٍ الأصطَخرِيُّ مِنْ الشافِعيةِ إلى أنَّ صَلاةَ العِيدِ فَرضٌ على الكِفايةِ، إذا قامَ بها قَومٌ سقَطَ عن الباقِينَ، كالجِهادِ والصَّلاةِ على الجَنائِزِ. قالَ البُهوتِيُّ: (وهي) أي: صَلاةُ العِيدِ (فَرضُ كِفايةٍ)؛ لقولِه تَعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾


(١) رواه البخاري (٤٦، ٢٥٣٢)، ومسلم (١١).
(٢) «المجموع» (٦/ ٥٢).
(٣) «الشرح الصغير» (١/ ٣٤٣)، و «التاج والإكليل» (٢/ ١٨٩)، و «القوانين الفقهية» (١/ ٥٩)، و «كفاية الطالب» (١/ ٤٨٩)، و «المجموع» (٦/ ٥٢)، و «الإنصاف» (٢/ ٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>