للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الحَسنُ بنُ كَثيرٍ عن أَبيه أنَّ رجلًا مِنْ أهلِ الشامِ ماتَ فترَكَ أَولادًا رِجالًا ونِساءً فيهم خُنثَى فسأَلوا مُعاوِيةَ فقالَ: ما أَدرِي اتئُوا عليًّا بالعِراقِ قالَ: فأَتوه فسأَلوه فقالَ: مَنْ أَرسلَكُم، فقالوا: مُعاويةُ، فقالَ: يَرضى بحُكمِنا ويَنقِمُ علينا! بوِّلوه فمِن أيِّهما بالَ فورِّثُوه.

وقالَ ابنُ المُنذرِ: وأَجمَعوا على أنَّ الخُنثَى يَرثُ مِنْ حيثُ يَبولُ، إنْ بالَ من حيثُ يَبولُ الرِّجالُ ورِثَ مِيراثَ الرِّجالِ، وإنْ بالَ مِنْ حيثُ تَبولُ المَرأةُ ورِثَ مِيراثَ المَرأةِ (١).

ولأنَّ خُروجَ البَولِ أَعمُّ العَلاماتِ، لوُجودِه مِنْ الصَّغيرِ والكَبيرِ، وسائرُ العَلاماتِ إنَّما تُوجَدُ بعدَ الكِبرِ.

ولأنَّ اللهَ أَجرَى العادةَ في الرَّجلِ أنَّه يَبولُ مِنْ ذَكرِه، وأنَّ الأُنثَى تَبولُ مِنْ فَرجِها، فرُجعَ في التَّمييزِ إليه.

وإنْ لَم يَكنْ فيه دِلالةٌ مِنْ المُبالِ فهل يُعتبَرُ فيه ظُهورُ العَلاماتِ بنَباتِ اللِّحيةِ ونُهودِ الثَّديينِ وخُروجِ المَنيِّ مِنْ ذَكرِه؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في وَجهٍ والحَنابِلةُ إلى أنَّه يُعتبَرُ ظُهورُ العَلاماتِ فإنْ ظهَرَت فيه عَلاماتُ الرِّجالِ مِنْ نَباتِ لِحيتِه وخُروجِ المَنيِّ مِنْ ذَكرِه وكَونُه مَنيِّ رَجلٍ، فالخُنثَى رَجلٌ عَملًا بالعَلاماتِ للزُومِ إِطرادِها.


(١) «الإجماع» (٣٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>