للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالمِيراثِ؛ فإنَّ قولَه سُبحانَه: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ﴾ [النساء: ١١] شرَطَ أنَّ في استِحقاقِ الثُّلثِ عَدمَ الوَلدِ وتَفردَهما بمِيراثِه.

فإنْ قِيلَ: ليسَ في قولِه: ﴿وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ﴾ ما يَدلُّ على أنَّهما تَفرَّدا بمِيراثِه.

قِيلَ: لو لَم يَكنْ تَفردُّهما شرطًا لَم يَكنْ في قولِه: ﴿وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ﴾ فائِدةٌ وكانَ تَطويلًا يُغني عنه قولِه: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ﴾ [النساء: ١١] فلمَّا قالَ: ﴿وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ﴾ عُلمَ أنَّ استِحقاقَ الأمِّ الثُّلثَ مَوقوفٌ على الأَمرينِ، وهو سُبحانَه ذكَرَ أَحوالَ الأمِّ كلَّها نصًّا وإِيماءً، فذكَرَ أنَّ لها السُّدسَ معَ الإِخوةِ، وأنَّ لها الثُّلثَ كاملًا معَ عَدمِ الوَلدِ، وتَفرُّدِ الأَبوينِ بالمِيراثِ، بقِيَ لها حالةٌ ثالِثةٌ وهي معَ عَدمِ الوَلدِ وعَدمِ تَفرُّدِ الأَبوينِ بالمِيراثِ، وذلك لا يَكونُ إلا معَ الزَّوجِ والزَّوجةِ، فإمَّا أنْ تُعطَى في هذه الحالِ الثُّلثَ كاملًا وهو خِلافُ مَفهومِ القُرآنِ، وأما أنْ تُعطَى السُّدسَ؛ فإنَّ اللهَ سُبحانَه لَم يَجعَلْه فَرضَها إلا في مَوضعَينِ: معَ الوَلدِ، ومعَ الإِخوةِ، وإذا امتَنعَ هذا وهذا كانَ الباقِي بعدَ فَرضِ الزَّوجَينِ هو المالُ الذي يَستَحقُّه الأَبوانِ ولا يُشارِكُهما فيه مُشارِكٌ، فهو بمَنزِلةِ المالِ كلِّه إذا لَم يَكنْ زَوجٌ ولا زَوجةٌ، فإذا تَقاسَماهُ أَثلاثًا كانَ الواجبُ أنْ يَتقاسَما الباقِي بعدَ فَرضِ الزَّوجَينِ كذلك (١).


(١) «إعلام الموقعين» (١/ ٣٥٧، ٣٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>