للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليسَ بيتُ المالِ وارِثًا، وإنَّما يَحفَظُ المالَ الضائعَ وغيرَه (١) كأَموالِ الفَيءِ. فهو جِهةٌ ومَصلحَةٌ؛ لأنَّ اشتِباهَ الوارِثِ بغيرِه لا يُوجِبُ الحُكمَ بالإِرثِ للكلِّ، فيُصرَفُ في المَصالحِ؛ للجَهلِ بمُستَحقِّه عَينًا.

وشرطُ تَوريثِهم أنْ لا يَكونَ معَهم وارثٌ سُميَت له فَريضةٌ، أو مَولَى نِعمةٍ؛ فالردُّ والوَلاءُ يُقدَّمانِ بالمِيراثِ على الرَّحمِ؛ لقولِه : «الخالُ وارثُ مَنْ لا وارِثَ له» وهذا له وارِثٌ.

قالَ ابنُ مَسعودٍ: «ذو السَّهم أَولى مِمن لا سَهمَ له»، ولأنَّ الرَّحمَ التي في ذِي الفَرضِ أَولى مِنْ الرَّحمِ التي لا فَرضَ لها.

وهذا بخلافِ الزَّوجِ والزَّوجةِ؛ فإنَّ ذَوي الأَرحامِ يَرثونَ معَهما؛ لِما تقَدمَ مِنْ أنَّه لا حظَّ للزَّوجَينِ في الردِّ، ولا نِزاعَ أنَّ الزَّوجَينِ يَأخذانِ فَرضَهما من غيرِ حَجبٍ ولا عَولٍ، ثم يُقسَمُ الباقِي بينَ ذَوي الأَرحامِ كما لو


(١) قالَ المرداويُّ في «الإنصاف» (٧/ ٣١٨، ٣١٩): لكنْ هل بَيتُ المالِ وارثٌ أمْ لا؟ فيه رِوايتانِ، والصَّحيحُ مِنْ المَذهبِ والمَشهورِ: أنَّه ليسَ بوارثٍ، وإنَّما يُحفَظُ فيه المالُ الضائعُ. قالَه في القاعِدةِ السابِعةِ والتِّسعينَ. قالَ الزَّركشيُّ في العاقلةِ: المَشهورُ أنَّه ليسَ بعَصبةٍ، وقدَّمَه في «المستوعب» وغيره، وقالَه ابنُ البنا وغيره. قالَ الحارثيُّ في أول كتاب الوصايا: والأصحُّ أنَّ بَيتَ المالِ غيرُ وارثٍ؛ لتَقدمِ ذَوِي الأَرحامِ عليه. وانتِفاءُ صَرفِ الفاضلِ عن ذَوِي الفُروضِ إليه.
قالَ المُصنفُ: ليسَ بعَصبةٍ. وقالَ في القاعِدةِ السادِسةِ بعدَ المائةِ: ولنا رِوايةٌ، أنَّه يُنتَقلُ إلى بَيتِ المالِ إِرثًا. ثم قالَ: فإنْ أُريدَ اشتِباهُ الوارثِ بغيرِه يُوجِبُ الحُكمَ بالإِرثِ للكلِّ: فهو مُخالفٌ لقَواعدِ المَذهبِ. وإنْ أُريدَ: أنَّه إِرثٌ في الباطنِ لمُعينٍ، فيُحفَظُ مِيراثُه في بَيتِ المالِ، ثم يُصرَفُ في المَصالحِ؛ للجَهلِ بمُستَحقِّه عينًا: فهو والأولُ بمَعنًى واحدٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>