للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ ذَوي الأَرحام قد شارَكوا المُسلِمينَ في الإِسلامِ وفَضَلُوهم بالرَّحمِ، فوجَبَ أنْ يَكونوا أَولى منهم بالمِيراثِ، كالمُعتِقِ لمَّا ساوَى كافَّةَ المُسلِمينَ في الإِسلامِ وفُضِّلَ عليهم بالعِتقِ صارَ أَولى منهم بالِميراثِ، وكالأخِ للأبِ والأمِّ لمَّا ساوَى الأخَ للأبِ وفضَلَه بالأمِّ كانَ أَولى بالإِرثِ.

وتَوريثُ ذَوي الأَرحامِ كتَوريثِ العَصبةِ، يَرثُ الأَقربُ فالأَقربُ إلى المَيتِ، والأَقربُ يَحجُبُ الأَبعدَ كالعَصباتِ، فمَن هو أَقرَبُ إلى المَيتِ مِنْ أيِّ صِنفٍ كانَ فهو أَولَى. ومَن انفَردَ منهم أخَذَ جَميعَ المالِ؛ لأنَّهم يُدلُونَ بالقَرابةِ وليسَ لهم سَهمٌ مُقدَّرٌ، فكانُوا كالعَصباتِ.

وأَقرَبُهم إلى المَيتِ الجدُّ أَبو الأُمِّ ثم أَولادُ البَناتِ ثم أَولادُ الأَخواتِ وبَناتُ الإِخوةِ ثم العَماتُ والخالاتُ ثم أَولادُهم وهذا مَذهبُ الحَنفيةِ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: يَرثونَ: بتَنزيلِهم مَنزِلةَ مَنْ أَدلَوا به فيَنزلُ كلٌّ منهم مَنزِلةَ مَنْ أَدلَى به مِنْ الوَرثةِ بدَرجةٍ، أو دَرجاتٍ حتى يَصلَ إلى مَنْ يَرثُ، فيَأخذُ مِيراثَه.

لِما رُويَ عن عليٍّ وعبدِ الله: «أنَّهما نزَّلا بِنتَ البِنتِ بمَنزِلةِ البِنتِ، وبِنتَ الأخِ بمَنزِلةِ الأخِ، وبِنتَ الأُختِ مَنزِلةَ الأُختِ، والعَمةَ مَنزِلةَ الأبِ، والخالةَ مَنزِلةَ الأمِّ»، ورُويَ ذلك عن عُمرَ في العَمةِ والخالةِ (٢).


(١) «مختصر اختلاف العلماء» (٤/ ٤٧٢، ٤٧٣)، و «التجريد» للقدوري (٨/ ٣٩١١،)، و «المبسوط» (٣٠/ ٢، ٤)، و «الاختيار» (٥/ ١٢٧، ١٣٢).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه البيهقي (٦/ ٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>