للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلنا: المُسلِمونَ يَستحِقُّونَ ذلك بالإِسلامِ، ووَرثتُه ساوَوُا المُسلِمينَ في الإِسلامِ، وتَرجَّحوا عليهم بالقَرابةِ، وذو السَّببَينِ مُقدَّمٌ في الاستِحقاقِ على ذي سَببٍ واحِدٍ، فكانَ الصَّرفُ إليهم أوْلى، فأمَّا ما اكتسَبَ في حالِ رِدَّتِه، فعلى قَولِ أَبي حَنيفةَ تَعالى هو فَيءٌ يُوضعُ في بَيتِ المالِ، وعندَهما هو مِيراثٌ لوَرثتِه المُسلِمينَ (١).

وقالَ الإِمامُ ابنُ قُدامةَ : وعن أَحمدَ ما يَدلُّ على أنَّه لوَرثتِه من المُسلِمينَ ورُويَ ذلك عن أَبي بَكرٍ الصِّديقِ ، وعلِيٍّ وابنِ مَسعودٍ .

وبه قالَ ابنُ المُسيِّبِ وجابِرُ بنُ زَيدٍ والحَسنُ وعُمرُ بنُ عبدِ العَزيزِ وعَطاءٌ والشَّعبيُّ والحَكمُ والأَوزاعيُّ والثَّوريُّ وابنُ شُبْرُمةَ وأهلُ العِراقِ وإِسحاقُ.

إلا أنَّ الثَّوريَّ وأَبا حَنيفةَ واللُّؤلُؤيَّ وإِسحاقَ قالوا: ما اكتسَبَه في رِدَّتِه يَكونُ فَيئًا، ولم يُفرِّقْ أَصحابُنا بينَ تِلادِ مالِه وطارِفِه، ووَجهُ هذا القَولِ أنَّه قَولُ الخَليفتَينِ الراشِدَينِ؛ فإنَّه يُروَى عن زَيدِ بنِ ثابِتٍ قالَ: بعَثَني أَبو بَكرٍ عندَ رُجوعِه إلى أهلِ الرِّدةِ أنْ أقسِمَ أَموالَهم بينَ وَرَثتِهم المُسلِمينَ.

ولأنَّ رِدَّتَه يَنتقِلُ بها مالُه، فوجَبَ أنْ يَنتقِلَ إلى وَرثتِه المُسلِمينَ كما لو انتقَلَ بالمَوتِ، ورُويَ عن أَحمدَ رِوايةٌ أنَّ مالَه لأهلِ دِينِه الذي اختارَه إنْ


(١) «المبسوط» (١٠/ ١٠٠)، وانْظُر: «أحكام القرآن» للجصاص (٤/ ١٠٠)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>