للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فارتَفَعوا إليه في يَهوديٍّ ماتَ وترَكَ أخًا مُسلمًا، فقالَ مُعاذٌ: إنِّي سمِعتُ رَسولَ اللهِ يَقولُ: «إنَّ الإِسلامَ يَزيدُ ولا يَنقُصُ»، فوَرَّثَه (١).

وعن عُروةَ بنِ الزُّبَيرِ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ : «مَنْ أسلَمَ على شَيءٍ فهو له» (٢).

قالَ ابنُ القيِّمِ : وهذا قد أسلَمَ على مِيراثٍ قبلَ أنْ يُقسَّمَ فيَكونُ له. قالوا: وهذا اتِّفاقٌ من الصَّحابةِ.

ثم قالَ: ولا يَمتنِعُ أنْ يُوجدَ الاستِحقاقُ بعدَ المَوتِ، ويَكونَ في حُكمِه قبلَه كما قُلتُم فيمَن حفَرَ بِئرًا وماتَ ثم وقَعَ فيها إِنسانٌ؛ فإنَّ الضَّمانَ مُتعلِّقٌ بتَركتِه، كما لو وُجدَ الوُقوعُ في حالِ حَياتِه، فالحَفرُ سَببُ الضَّمانِ وُجدَ في حالِ الحَياةِ، والوُقوعُ شَرطٌ في الضَّمانِ، وُجدَ بعدَ المَوتِ، والنَّسبُ سَببُ الإِرثِ، وُجدَ قبلَ المَوتِ، والإِسلامُ شَرطٌ في استِحقاقِه، وُجدَ بعدَ المَوتِ فلا فَرقَ بينَهما؛ ولأنَّ لعَدمِ القِسمةِ تَأثيرًا في الاستِحقاقِ، بدَليلِ أنَّ الكُفارَ إذا ظهَروا على أَموالِ المُسلِمينَ ثم ظهَرَ عليها المُسلِمونَ قبلَ القِسمةِ كانَ صاحِبُه أحَقَّ به، وبعدَ القِسمةِ لا حَقَّ له فيه.

يُبيِّنُ هذا أنَّ المالَ قبلَ القِسمةِ لا تَتعيَّنُ حُقوقُ الوَرثةِ فيه حتى تَستقرَّ الوَصيةُ إنْ كانَت، إمَّا بقَبولٍ أو رَدٍّ فتَتعيَّنُ بالقِسمةِ.


(١) أخرجه الإمام أَحمد في «مسنده» (٥/ ٢٣٠)، وأبو داود في «سننه» (٢/ ١٢٦) ح (٢٩١٢)، وضعفه الشيخ الألباني في «ضعيف أَبي داود» (٥٠٥).
(٢) أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (١/ ٩٧) ح (١٨٩)، وحسنه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (١٧١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>