للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبحَديثِ ابنِ عَباسٍ أيضًا، وفيه: «فَقامَ قِيامًا طَويلًا قَدرَ نحوِ سُورَةِ البَقرَةِ» (١). قالوا: وهذا دَليلٌ على أنَّه لم يَسمَعْه؛ لأنَّه لو سمِعَه لم يُقدِّرْه بغيرِه. ورَوى سمُرةُ: «أنَّ النَّبيَّ صلَّى في خُسوفِ الشَّمسِ، فلَم أَسمَعْ له صَوتًا» (٢). ولأنَّها صَلاةُ نَهارٍ لم يَجهَرْ فيها، كالظُّهرِ.

وذهَبَ الإمامُ أحمدُ وأبو يُوسفَ ومُحمدٌ مِنْ الحَنفيةِ وحَكاهُ التِّرمذيُّ عن الإمامِ مالِكٍ إلى أنَّه يَجهَرُ بها؛ لحَديثِ عائشةَ : «أنَّ النَّبيَّ صلَّى صَلاةَ الكُسُوفِ وَجهرَ بِالقِراءةِ فيها» (٣). ولأنَّها نافِلةٌ شُرعَت لها الجَماعةُ، فكانَ مِنْ سُننِها الجَهرُ، كصَلواتِ الاستِسقاءِ والعِيدِ والتَّراويحِ (٤).

أمَّا صَلاةُ خُسوفِ القَمرِ فقدِ اتَّفقُوا على أنَّه يُجهَرُ فيها بالقِراءةِ؛ لمَا رَوت عائشةُ : «أنَّ النَّبيَّ جهَرَ في صَلاةِ الخُسوفِ بِقِراءتِه» (٥).


(١) رواه البخاري (٤٩٠١)، ومسلم (٩٠٧).
(٢) حَديثٌ ضَعيفٌ: رواه أبو داود (١١٨٤)، والتِّرمذي (٥٦٢)، والنسائي (١٤٨٤)، وابن ماجه (١٢٦٤).
(٣) حَديثٌ صَحيحٌ: رواه التِّرمذي (٥٦٣).
(٤) «بدائع الصنائع» (١/ ٢٨١، ٢٨٢)، و «عمدة القاري» (٥/ ٣٠٣)، و «فتح القدير» (٢/ ٨٤)، و «الشرح الصغير» (١/ ٣٥١)، و «الإشراف» (١/ ١٤٤، ١٤٥)، و «بداية المجتهد» (١/ ٢٩٣)، و «المجموع» (٦/ ١١٣، ١١٤)، و «المغني» (٣/ ١٥٤)، و «سنن التِّرمذي» (٢/ ٤٥٢)، و «الإفصاح» (١/ ٢٦٤)، و «نيل الأوطار» (٤/ ١٩٨، ١٩٩).
(٥) رواه البخاري (١٠١٦)، ومسلم (٩٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>