وذهَبَ المالِكيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَجوزُ للأبِ أنْ يُوصيَ بتَزويجِ ابنِه أو ابنَتِه، وله وِلايةُ الإِجبارِ في بَعضِ الأَحيانِ.
قالَ المالِكيةُ: إذا أطلَقَ لَفظَ الوَصيةِ بأنْ قالَ: «اشهَدوا أنَّ فُلانًا وَصيِّي» فقط، ولم يُقيِّدْه بشَيءٍ ولم يَزِدْ على هذا؛ فإنَّه يَعمُّ كلَّ شَيءٍ ويَعُمُّ تَزويجَ بَناتِه البالِغاتِ بإِذنِهن، أي: ويُقدَّمُ على العاصِبِ كالأخِ والعَمِّ، وكذا تَزويجُ الثَّيبِ بأمرِها، وكذا تَزويجُ الصَّغيرةِ بشُروطِها بأنْ يَخافَ عليها الفَسادَ في مالِها أو حالِها ولا جَبْرَ له؛ لأنَّ التَّعميمَ لا يَقتَضيه، وإنَّما يُجبِرُ إنْ أمَرَه بالإِجبارِ أو عيَّنَ له الزَّوجَ، فله حينَئذٍ جَبْرُهن سَواءٌ كُنَّ صِغيراتٍ أو كَبيراتٍ.
وإلا بأنْ لم يأمُرْه الأبُ بالإِجبارِ ولا عيَّنَ له الزَّوجَ ففيه خِلافٌ، والراجِحُ الجَبْرُ إنْ ذكَرَ البُضعَ أو النِّكاحَ أو التَّزويجَ، بأنْ قالَ له الأَبُ: أنت وَصيِّي على بُضعِ بَناتي أو على نِكاحِهن أو على تَزويجِهن، أو على بِنتي تَتزوَّجُها أو تُزوِّجُها مَنْ أحبَّت، وإنْ لم يَذكُرْ شَيئًا من الثَّلاثةِ فالراجِحُ عَدمُ الجَبْرِ كما إذا قالَ:«أنتَ وَصيِّي على بَناتي، أو على بَعضِ بَناتي، أو على بِنتي فُلانةَ»، وأمَّا إنْ قالَ:«أنت وَصيِّي» فقط، أو على مالي أو على بَيعِ تَركَتي أو على قَبضِ دُيوني فلا جَبْرَ له اتِّفاقًا.
والوَصيُّ إذا كانَت وَصيتُه مَقصورةً على بَيعِ التَّركةِ وقَبضِ الدُّيونِ فزوَّجَ بَناتُ المُوصي فإنَّ النِّكاحَ صَحيحٌ.