للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ في مُختصَرِ «المُتَيطية» وللوَصيِّ أنْ يُوصيَ عندَ المَوتِ بما جُعلَ إليه إلى مَنْ شاءَ إنْ كانَ مُنفرِدًا بالنَّظرِ، ويَكونُ وَصيُّ الوَصيِّ كالوَصيِّ.

وإنْ أَرادَ الوَصيُّ في حَياتِه أنْ يَجعلَ ما بيَدِه إلى غيرِه لم يَكنْ له ذلك، وإنَّما له أنْ يُوكِّلَ مَنْ يَنظرُ بأمرِه، قالَه ابنُ العَطارِ وغيرُه.

وقالَ ابنُ زَربٍ: له ذلك، قيلَ: فإنْ أَرادَ أنْ يَعودَ في نَظرِه؟ قالَ: ليسَ له ذلك؛ لأنَّه قد تَخلَّى عنه. اه.

وفي مَسائلِ الوَصايا مِنْ البُرزُليِّ: وسألَ ابنُ دَحونٍ ابنَ زَربٍ عن الوَصيِّ يَتخلَّى عن النَّظرِ إلى رَجلٍ آخَرَ، قالَ: ذلك جائِزٌ، ويَتنزَّلُ مَنزلتَه.

قيل له: فلو أَرادَ العَودَ في نَظرِه؟ قالَ: ليسَ له ذلك، وقد تَخلَّى منه إلى الذي وَكَّلَ. انتَهى (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه ليسَ لوَصيِّ الأَبِ أنْ يُوصيَ، بل له أنْ يَتصرَّفَ ما عاشَ وليسَ له أنْ يُوصيَ إلى غيرِه؛ لأنَّه تَصرفٌ بتَوليةٍ فلم يَكنْ له ذلك التَّفويضُ كالوَكيلِ، ويُخالِفُ الأَبَ؛ لأنَّه يَلي بغيرِ تَوليةٍ.

ولأنَّ مَنْ كانَت نيابَتُه عن عَقدٍ بطَلَ بالمَوتِ كالوَكيلِ، ولأنَّ استِنابَتَه حَيًّا أَقوى من استِنابَتِه مَيتًا، فلمَّا لم يَصحَّ منه إِبدالُ نَفسِه بغيرِه في الحَياةِ، فأوْلى ألَّا يَصحَّ منه إِبدالُ نَفسِه بغيرِه بعدَ الوَفاةِ (٢).


(١) «مواهب الجليل» (٨/ ٤١٦).
(٢) «الحاوي الكبير» (٨/ ٣٣٩، ٣٤٠)، و «المهذب» (١/ ٤٦٤)، و «البيان» (٨/ ٣١٠، ٣١١)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٥٦٦)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٢٥، ١٢٦)، و «المغني» (٦/ ١٤٦)، و «الإنصاف» (٧/ ٢٩٤)، و «المبدع» (٦/ ١٠٥)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٨٢، ٤٨٣)، و «منار السبيل» (٢/ ٣٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>