للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلدِها وَجهانَ: أَحدُهما -وهو قَولُ أَبي سَعيدٍ الإِصطَخريِّ-: أنَّه لها عليهم وِلايةٌ كالأَبِ لمَا فيها من البَعضيةِ وأنَّها برأفةِ الأُنوثةِ أحَنُّ عليهم وأشفَقُ، والوَجهُ الثاني -وهو قَولُ أَبي إِسحاقَ المَروَزيِّ-: لا وِلايةَ لها؛ لأنَّها لمَّا قصَّرَت بنَقصِ الأُنوثةِ عن وِلايةِ النِّكاحِ التي تَسري في جَميعِ العَصَباتِ كانَ أَولى أنْ تُقصَرَ عما يَختصُّ من الوِلايةِ بالآباءِ دونَ سائِرِ العَصباتِ، فعلى هذا إنْ قيلَ: إنَّه لا وِلايةَ لها لم تَصحَّ منها الوَصيةُ بالوِلايةِ على أَطفالِها، وإذا قيلَ: إنَّ لها الوِلايةَ بنَفسِها فكذلك أُمهاتُها وأُمهاتُ الأَبِ، وهل يَستحِقُّها أَبو الأُمِّ؟ على وَجهَينِ:

أَحدُهما: يَستحِقُّها كأُمِّ الأُمِّ؛ لمَا فيه من الوِلادةِ، وأنَّه أحَقُّ بالوِلايةِ على الأُمِّ من أُمِّها.

والثاني: لا وِلايةَ له؛ لأنَّ سُقوطَ مِيراثِه قد حَطَّه من مَنزلةِ أُمِّ الأُمِّ، فعلى هذا يَكونُ بعدَ الآباءِ للأُمِّ، فإذا اجتمَعَ بعدَ الأُمِّ أُمُّ أَبٍ وأُمُّ أُمٍّ ففي أحقِّيَّتِهما بالوِلايةِ وَجهانِ: أَحدُهما: أُمُّ الأَبِ؛ لأنَّ الأَبَ بالوِلايةِ أحَقُّ.

والقَولُ الثاني: أُمُّ الأُمِّ؛ لأنَّها بالحَضانةِ أحَقُّ، فإذا أَوصَت مُستحِقَّةُ الوِلايةِ من الأُمهاتِ بالوِلايةِ على الأَطفالِ صَحَّت الوَصيةُ (١).

وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّه يَجوزُ للأُمِّ أنْ تُوصيَ على أَولادِها الصِّغارِ، ولكنْ بثَلاثةِ شُروطٍ:


(١) «الحاوي الكبير» (٨/ ٣٣٣)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٥٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>