للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في قَولٍ والحَنابِلةُ على خِلافٍ في النَّقلِ عندَهم إلى أنَّ الوَصيةَ إذا كانَت مُتعلِّقةً بأُمورِ الأَطفالِ والمَجانينِ وكذا بالسُّفهاءِ الذين بلَغوا كذلك فيُشتَرطُ في المُوصي -الأَبِ أو غيرِه على الاختِلافِ فيه- أنْ يَكونَ رَشيدًا، فلا تَصحُّ وَصيةُ السَّفيهِ.

قالَ المالِكيةُ: إنَّما يُوصي على المَحجورِ عليه -وهو الصَّغيرُ والسَّفيهُ- أَبٌ، لكنْ بشَرطِ أنْ يَكونَ هذا الأَبُ رَشيدًا، أمَّا الأَبُ المَحجورُ عليه فإنَّه لا يُوصي عليه؛ إذْ لا نظَرَ له عليه، وكذا لو بلَغَ الصَّبيُّ رَشيدًا ثم حصَلَ له السَّفهُ، فليس للأَبِ الإِيصاءُ عليه، وإنَّما الناظِرُ له هو الحاكِمُ (١).

وأمَّا الحَنابِلةُ فقالَ البَعليُّ: وتَصحُّ الوَصيةُ من السَّفيهِ في أصَحِّ الوَجهَينِ، تَصحُّ وَصيةُ السَّفيهِ بالمالِ فأمَّا على الأَولادِ فلا تَصحُّ قَولًا واحِدًا؛ لأنَّه لا يَملكُ التَّصرفَ بنَفسِه فوَصيتُه أحَقُّ وأوْلى (٢).

قالَ المِرداويُّ: أمَّا وَصيتُه على أَولادِه فلا تَصحُّ قَولًا واحِدًا؛ لأنَّه لا يَملكُ التَّصرفَ بنَفسِه فوَصيتُه أحَقُّ وأوْلى، قالَه في «المطلع».

قُلتُ: ظاهِرُ كَلامِ كَثيرٍ من الأَصحابِ في بابِ المُوصَى إليه صِحةُ وَصيتِه بذلك، وهو أَولى بالصِّحةِ من الوَصيةِ بالمالِ.


(١) «مواهب الجليل» (٨/ ٣٩٦، ٣٩٧)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٩٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٥٣٢)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (١١/ ٤٠).
(٢) «المطلع» ص (٢٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>