للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على رأيِه وأَمانتِه وكِفايتِه في تَصرفاتِه، والفاسِقُ ليسَ من أهلِ الوِلايةِ والأَمانةِ ولأنَّ العَدالةَ وازِعٌ عن الفَسادِ فعَدمُها يُبطلُ الوِلايةَ، وعليه فلا تُقرُّ في يَدِه؛ لأنَّه قد تعلَّقَ بالوَصيةِ إليه حُقوقُ المُوصَى لهم، فإذا لم يَكنْ مَأمونًا لم يُؤمَنْ منه إِتلافُها، فلم يَجُزْ وِلايتُه.

قالَ المالِكيةُ: وطُروءُ الفِسقِ على الوَصيِّ يَعزِلُه؛ إذْ تُشتَرطُ عَدالتُه ابتِداءً ودَوامًا، ومِثلُ طُروءِ الفِسقِ طُروءُ العَداوةِ، فيَنعزِلُ الوَصيُّ إذا عادَى المَحجورَ؛ إذْ لا يُؤمَنُ عَدوٌّ على عَدوِّه في شَيءٍ من أَحوالِه، إلا أنَّ تَصرُّفَه بعدَ الفِسقِ وقبلَ العَزلِ نافِذٌ وماضٍ (١).

وقالَ الشافِعيةُ: يَنعزلُ الوَصيُّ وقَيِّمُ الحاكِمِ وكذا الأَبُ والجَدُّ والأُمُّ بالفِسقِ بتَعدٍّ في المالِ أو بسَببٍ آخَرَ بعدَ مَوتِ المُوصي، وإنْ لم يَعزِلْه الحاكِمُ لزَوالِ أهليَّتِه، لكنْ تَعودُ وِلايةُ الأَبِ والجَدِّ وكذا الحاضِنةُ والأُمُّ إنْ كانَت وَصيةً بعَودِ العَدالةِ؛ لأنَّ وِلايتَهم شَرعيةٌ، ولكَمالِ شَفقتِهم بخِلافِ الوَصيِّ وقَيِّمِ القاضي لا تَعودُ وِلايتُه بعَودِ العَدالةِ، وكذا لو جُنَّ أو أُغميَ عليه لا تَعودُ وِلايتُه بالإِفاقةِ.

وكذا يَنعزلُ القاضي في الأصَحِّ لزَوالِ أهليَّتِه، والثاني: لا يَنعزِلُ كالإِمامِ الأعظَمِ، إلا أنْ يَعزلَه الإِمامُ (٢).


(١) «تحبير المختصر» (٥/ ٥٨٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٥٣٤).
(٢) «كنز الراغبين» (٣/ ٤٣٨)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٣٢٩)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٢٤)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٢٧٨)، و «الديباج» (٣/ ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>