للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُرادُ بالعَدالةِ عندَ المالِكيةِ: الأَمانةُ والرِّضا فيما يُوصَى إليه فيه ويَفعلُه، بأنْ يَكونَ حافِظًا لمالِ الصَّبيِّ ويَتصرَّفُ فيه بالمَصلحةِ، وليسَ المُرادُ هنا عَدالةَ الشَّهادةِ أو عَدالةَ الرِّوايةِ (١).


(١) «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٩٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٥٣٣)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٥٨١)، وجاءَ في «المُختصَرِ الفِقهيِّ» لابنِ عَرفةَ (١٦/ ٢٠٨، ٢٠٩): ابنُ حارِثٍ: اتَّفقَ مالِكٌ والرُّواةُ من أَصحابِه على أنَّه لا تَجوزُ الوَصيةُ إلا إلى العَدلِ، واختَلَفوا في تَفسيرِه.
فقالَ بعضُ أهلِ العِلمِ: إنْ ثبَتَت جَرحتُه عندَ الحاكِمِ عُزلَ إنْ كانَ المَيتُ لم يَعرفْ أنَّه بتلك الصِّفةِ، وإنْ عَلِمَه بها وقصَدَه لقَرابتِه ولصَداقتِه شرَكَ السُّلطانُ معه مَنْ يَنظرُ ولا يَعزلُه بالكُليةِ.
وفي طُرر ابنِ عاتٍ: المُشاوِرُ إنْ أَوصَى بتَنفيذِ ثُلثِه إلى سارِقٍ أو فاسِقٍ؛ فليس للسُّلطانِ عَزلُه؛ لأنَّه يُوصي به حيث شاءَ، ويَلزمُه الإِشهادُ على تَنفيذِ ذلك لئلَّا يأخُذَه لنَفسِه.
وفيها: أَرأيتَ إنْ كانَ الوَصيُّ خَبيثًا أيُعزلُ عن الوَصيةِ؟ قالَ: قالَ مالِكٌ: نَعَمْ، ليسَ للمَيتِ أنْ يُوصيَ بما غيره، وهُم وَرثتُه إلى مَنْ ليسَ بعَدلٍ.
المُتَيطيُّ: قالَ مُحمدٌ: وقالَه مالِكٌ وأَصحابُه، وقالَ المَخزوميُّ: لا يَعزلُه، ويُشركُ معه غيرَه، وحَكاه أَحمدُ بنُ بَشيرٍ عن مالِكٍ قالَ: وأنا لا أَرى للشَّريكِ وَجهًا، ويَعزلُه السُّلطانُ، ويُقدِّمُ مَنْ يَراه لذلك أهلًا.
أصبَغُ: إلا أنْ يَكونَ هذا الوَصيُّ الذي ليسَ بعَدلٍ؛ مِثلَ القَريبِ، والمَولَى، والزَّوجةِ، ومَن يَرى منه حُسنَ النَّظرِ لقَرابتِه، أو لوِلايتِه وشِبهِ ذلك، فأَرى أنْ يُجعلَ معه غيرُه يَكونُ المالُ بيَدِه، ولا يُفسَخُ الآخَرُ، وقالَ مُطرِّفٌ، وابنُ الماجِشونِ، وذكَرَ أَبو إِبراهيمَ قَولَ المُغيرةِ، وقَولَ سحنونٍ: لا أَقولُ به وأَرى أنْ يُعزلَ، نَصَّ عليه ابنُ الهِنديِّ، ومَذهبُ المَخزوميِّ يَقتَضي إذا كانَ هناك وَصيانِ، أَحدُهما عَدلٌ والآخَرُ مَسخوطٌ لا يُعزلُ المَسخوطُ، وكذا يَظهرُ من كِتابِ الوَديعةِ، فتأمَّلْه.
قُلتُ: هو دَليلُ قَولِها في الوَديعةِ، وإذا لم يَكُنْ في الوَصيَّينِ عَدلٌ خلَعَهما السُّلطانُ، وجعَلَ المالَ عندَ غيرِهما، وقد يُعارَضُ هذا المَفهومُ بظاهِرِ قَولِه: «خلَعَهما» ولم يَقُلْ: أشرَكَ معهما ثالِثًا.
قُلتُ: ففي عَزلِه بسُخطتِه وبَقائِه مع شَريكٍ غيرِه، ثالِثُها: هذا إنْ علِمَ المُوصي سُخطتَه، ورابِعُها: هذا إنْ كانَ قَريبًا أو مُواليًا، وشِبهُه لمَعروفِ المَذهبِ، والمُغيرةِ.
ونقَلَ ابنُ حارِثٍ وأصبَغُ مع الأَخوَينِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>