للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ العِمرانِيُّ: وإنْ وَصَّى مُسلمٌ إلى كافِرٍ لم تَصحَّ الوَصيةُ؛ لأنَّ الفِسقَ يُنافي الوَصيةَ، فالكُفرُ أوْلى، وهو إِجماعٌ أيضًا (١).

إلا أنَّ الحَنفيةَ اختلَفوا هل هي باطِلةٌ أو أنَّ القاضيَ سيُبطِلُها؟ قالَ الزَّبيديُّ: قَولُه -أي: القُدوريِّ-: (ومَن أَوصَى إلى عبدٍ أو كافِرٍ أو فاسِقٍ أخرَجَهم القاضي من الوَصيةِ ونصَّبَ غيرَهم)، هذا اللَّفظُ يُشيرُ إلى صِحةِ الوَصيةِ؛ لأنَّ الإِخراجَ إنَّما يَكونُ بعدَها، وذكَرَ مُحمدٌ في الأصلِ أنَّ الوَصيةَ باطِلةٌ، قيلَ: مَعناه في جَميعِ هذه الصُّورِ ستَبطلُ، وقيلَ: مَعناه في العبدِ باطِلٌ حَقيقةً لعَدمِ وِلايتِه، وكذا في الكافِرِ، ومَعناه: باطِلةٌ لعَدمِ وِلايتِه على المُسلمِ، والمُرادُ بالكافِرِ في هذا: الذِّميُّ، وإنَّما لم تَجُزِ الوَصيةُ إلى الكافِرِ؛ لأنَّ تَصرفَ الوَصيِّ بالوِلايةِ، ولا وِلايةَ للكافِرِ على المُسلمِ، وقد رُويَ أنَّه إذا تَصرَّف قبلَ أنْ يُخرجَه القاضي صَحَّ تَصرُّفُه كما يَصحُّ منه بالوَكالةِ (٢).

وقالَ الماوَرديُّ: وأمَّا الشَّرطُ -وهو الإِسلامُ- لقَولِه تَعالى: ﴿لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً﴾ [التوبة: ١٠]، ولقَولِه تَعالى: ﴿لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ


(١) «البيان» (٨/ ٣٠٣)، ويُنظَر: «كنز الراغبين» (٣/ ٤٧٣)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٣٢٦)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٢٣)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٢٧٥)، و «الديباج» (٣/ ١٠٠).
(٢) «الجوهرة النيرة» (٦/ ٣٨٣، ٣٨٤)، ويُنظَر: «الهداية» (٤/ ٢٥٨)، و «العناية» (١٦/ ٢١٢، ٢١٣)، و «اللباب» (٢/ ٥٩٣)، و «الاختيار» (٥/ ٨٢، ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>