للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المالِ بعَينِه فهلَكَ ذلك الشَيءُ فلا شَيءَ للمُوصَى له في سائِرِ مالِ المَيتِ (١).

وقالَ القاضي عبدُ الوَهابِ المالِكيُّ: إذا وَصَّى له بثُلثِ شَيءٍ بعَينِه فتَلِفَ ثُلثاه، كانَ للمُوصَى له بالثُّلثِ الباقي إذا احتَمَله ثُلثُ المالِ، وحُكيَ عن أَبي ثَورٍ أنَّه قالَ: يَكونُ له ثُلثُ الثُّلثِ الباقي، وللوَرثةِ ثُلثاه.

ودَليلُنا أنَّ الثُّلثَ يَحتمِلُ ما وَصَّى به وما بَقيَ منه، فوجَبَ أنْ يَستحقَّه كما لو أَوصَى له بعبدٍ أو بثَوبٍ واحتَمَله الثُّلثُ (٢).

وقالَ الإِمامُ العِمرانيُّ : إذا أَوصَى لرَجلٍ بثُلثِ عَينٍ من مالِه من دارٍ أو أرضٍ أو عبدٍ ثم ماتَ المُوصي فاستحَقَّ ثُلثا العَينِ المُوصَى بها أو هلَكَ ثُلثاها وبَقيَ ثُلثُها وللمُوصي مالٌ آخَرُ يَخرجُ ذلك الثُّلثُ منه استحَقَّ المُوصَى له الثُّلثَ الباقيَ من العَينِ المُوصَى بها، وبه قالَ جَميعُ العُلماءِ.

وقالَ أَبو ثَورٍ وزُفرُ وأبو العَباسِ بنُ سُرَيجٍ: لا يَستحِقُّ المُوصَى له إلا ثُلثَ ما بَقيَ من العَينِ المُوصَى بها، كما لو أَوصَى له بثُلثِ مالِه فاستحَقَّ ثُلثاه، ولأنَّه لم يُوصِ له بثُلثٍ مُعيَّنٍ، وإنَّما أَوصَى له بثُلثٍ مَشاعٍ، فإذا استحَقَّ ثُلثاه، أو هلَكَ فقد هلَكَ ثُلثا الوَصيةِ.

والمَذهبُ الأولُ؛ لأنَّه أَوصَى له بمِلكِه الذي يَخرجُ من ثُلثِه فصَحَّ، كما لو أَوصَى له بعبدٍ كامِلٍ فاستحَقَّ ثُلثاه وله مالٌ يَخرجُ الثُّلثُ الباقي منه،


(١) «الإجماع» (٣٤٠)، و «تبيين الحقائق» (٦/ ١٩٠).
(٢) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٥/ ١٦٤، ١٦٥)، رقم (١٩١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>