للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَصرُّفًا في الدارِ، بل في البِناءِ؛ لأنَّ الدارَ اسمٌ للعَرصةِ، والبِناءُ بمَنزلةِ الصِّفةِ، فيَكونُ تَبعًا للدارِ، والتَّصرُّفُ في التَّبعِ لا يَدلُّ على الرُّجوعِ عن الأَصلِ، ونَقضُ البِناءِ تَصرُّفٌ في البِناءِ، والبِناءُ صِفةٌ وإنَّها تابِعةٌ (١).

وقالَ المالِكيةُ: لا تَبطلُ وَصيةُ مَنْ أَوصَى لشَخصٍ بدارٍ أو بثَوبٍ ثم إنَّ المُوصيَ جصَّصَ الدارَ بالجِيرِ ونَحوِه، أو صبَغَ ذلك الثَّوبَ، ويأخُذُ المُوصَى له ما ذكَرَ بزِيادتِه؛ لأنَّ ما أَوصَى به يُطلقُ على ما حصَلَ فيه الزِّيادةُ فلم يَتغيَّرْ الاسمُ، كما إذا أَوصَى بعَرضٍ بلَفظِ ثَوبٍ وفصَّلَه (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: وليسَ التَّزويجُ والخِتانُ والتَّعليمُ والاستِخدامُ والإِعارةُ والإِجارةُ للمُوصَى به والرُّكوبُ للمَركوبِ واللُّبسُ للثَّوبِ والإذْنُ للرَّقيقِ في التِّجارِة رُجوعًا؛ إذْ لا إِشعارَ لها به، بل هي إمَّا انتِفاعٌ وله المَنفعةُ والرَّقبةُ قبلَ مَوتِه وإمَّا استِصلاحٌ مَحضٌ، ورُبما قصَدَ به إِفادةَ المُوصَى له (٣).

وقالَ الحَنابِلةُ: وإنْ غَسلَ الثَّوبَ المُوصَى به أو لبِسَه أو جصَّصَ الدارَ المُوصَى بها أو انهَدَمت ولم يُزِلِ اسمَها أو سكَنَها أو زرَعَ الأرضَ المُوصَى بها أو أجَّرَ العَينَ المُوصَى بها لم يَكنْ رُجوعًا؛ لأنَّ ذلك لا يُزيلُ المِلكَ ولا الاسمَ، ولا يَدلُّ على الرُّجوعِ (٤).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٧٩).
(٢) «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٧٤).
(٣) «البيان» (٨/ ٢٩٨)، و «أسنى المطالب» (٣/ ٦٦)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١١٨).
(٤) «المغني» (٦/ ٩٨)، و «الكافي» (٢/ ٥١٧)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٢٤)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٤٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>