ولو لم يَكنْ له إلا عَمٌّ واحِدٌ وليسَ له من ذَوي الرَّحمِ المَحرَمِ غيرُه كانَ له نِصفُ الوَصيةِ؛ لأنَّه لا يَستحِقُّ أكثَرَ من النِّصفِ لمَا بَيَّنَّا، وما بَقيَ لا مُستحِقَّ له فتَبطلُ فيه الوَصيةُ، فيُردُّ على الوَرثةِ، بخِلافِ ما إذا أَوصَى لذي قَرابتِه حيثُ يَكونُ للعَمِّ كلُّ الوَصيةِ؛ لأنَّ اللَّفظَ للفَردِ فيُحرزُها كلَّها؛ إذْ هو الأقرَبُ.
ولو ترَكَ عمًّا وعَمةً وخالًا وخالةً فالوَصيةُ للعَمِّ والعَمةِ بينَهما بالسَّويةِ لاستِواءِ قَرابتِهما، وهي أَقوى من قَرابةِ الأَخوالِ، والعَمةُ -وإنْ لم تَكُنْ وارِثةً- مُستحِقةٌ للوَصيةِ كما لو كانَ القَريبُ رَقيقًا أو ذِميًّا.
وقالَ أَبو يُوسفَ ومُحمدٌ: الوَصيةُ لكلِّ مَنْ يُنسَبُ إلى أَقصى أَبٍ له في الإِسلامِ، ويَستَوي فيه الأقرَبُ والأبعَدُ والواحِدُ والجَمعُ والمُسلمُ والذِّميُّ، ويَدخلُ في الوَصيةِ كلُّ قَريبٍ يُنسَبُ إليه مِنْ قِبَلِ الأَبِ أو الأُمِّ، وتَكونُ الوَصيةُ لجَميعِ قَرابتِه من جِهةِ الرِّجالِ والنِّساءِ إلى أَقصى أَبٍ له في الإِسلامِ في الطَّرفَينِ جَميعًا، يَشتَركونَ في الثُّلثِ، والأقرَبُ منهم والأبعَدُ والذَّكرُ والأُنثى فيه سَواءٌ.
بَيانُه: إذا أَوصَى رَجلٌ من بَني العَباسِ لأقارِبِه دخَلَ في الوَصيةِ كلُّ مَنْ يُنسَبُ إلى العَباسِ، وكذلك العَلويُّ إذا أَوصَى لأَقاربِه دخَلَ في الوَصيةِ كلُّ مَنْ يُنسَبُ إلى علِيٍّ كرَّمَ اللهُ وَجهَه، القَريبُ والبَعيدُ في ذلك سَواءٌ.
ثم على أَصلِهما إذا أَوصَى لأَقاربِه وله عَمَّانِ وخالانِ اشتَرَك فيه العَمانِ والخالانِ، فتَكونُ بينَهم أَرباعًا؛ لأنَّهما لا يُعتبَرانِ الأقرَبَ.