بَني عبدِ شَمسٍ ولا بَني نَوفلٍ شَيئًا؛ لأنَّ اللهَ تَعالى لمَّا قالَ: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ [الحشر: ٧] يَعني قُرباءَ النَّبيِّ ﷺ، أَعطَى النَّبيُّ ﷺ هؤلاء الذين ذَكَرناهم ولم يُعطِ مَنْ هو أبعَدُ منهم، كبَني عبدِ شَمسٍ ونَوفلٍ شَيئًا، إلا أنَّه أَعطَى بَني المُطلبِ وعلَّلَ عَطيتَهم بأنَّهم لم يُفارِقوا بَني هاشِمٍ في جاهِليةٍ ولا إِسلامٍ.
ولم يُعطِ قَرابةَ أُمِّه وهُم بَنو زُهرةَ شَيئًا، ولم يُعطِ منهم إلا مُسلمًا، فحُملَ مُطلقُ كَلامِ المُوصي على ما حُملَ عليه المُطلقُ من كَلامِ اللهِ تَعالى، وفُسرَ بما فُسرَ به، ويُسوِّي بينَ قَريبِهم وبَعيدِهم وذَكرِهم وأُنثاهم؛ لأنَّ الوَصيةَ لهم سَواءٌ، ويَدخلُ في الوَصيةِ الكَبيرُ والصَّغيرُ والغَنيُّ والفَقيرُ، ولا يَدخلُ الكُفارُ؛ لأنَّهم لم يَدخُلوا في المُستحِقِّ من قُربَى النَّبيِّ ﷺ.
وقد نقَلَ عبدُ اللهِ وصالِحٌ عن أَبيهما رِوايةً أُخرى أنَّه يُصرفُ إلى قَرابةِ أُمِّه إنْ كانَ يَصِلُهم في حَياتِه، كأَخوالِه وخالاتِه وأَخواتِه من أُمِّه، وإنْ كانَ لا يَصِلُهم لم يُعطَوْا شَيئًا؛ لأنَّ عَطيَّتَه لهم في حَياتِه قَرينةٌ دالَّةٌ على صِلتِه لهم بعدَ مَماتِه وإلا فلا.
وعنه رِوايةٌ أُخرى أنَّه يُجاوزُ بها أربَعةَ آباءٍ، ذكَرَها ابنُ أَبي مُوسى في «الإِرشادِ»، وهذه الرِّوايةُ تَدلُّ على أنَّ لَفظَه لا يَتقيَّدُ بالقَيدِ الذي ذكَرناه، فعلى هذا يُعطَى كلُّ مَنْ يَعرفُ بقَرابتِه من قِبَلِ أَبيه وأُمِّه الذين يُنسَبونَ إلى الأَبِ الأَدْنى الذي يُنسَبُ إليه، وهذا مَذهبُ الشافِعيِّ؛ لأنَّهم قَرابةٌ فيَتناوَلُهم