للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صارَ وارِثَ المُوصي عندَ مَوتِه، ولو أَوصَى لأخيه ولا ابنَ له وَقتَ الوَصيةِ ثم وُلدَ له ابنٌ ثم ماتَ المُوصي صحَّت الوَصيةُ؛ لأنَّ الأخَ ليسَ بوارِثِه عندَ المَوتِ لصَيرورتِه مَحجوبًا بالابنِ.

وكذا إذا أَوصَى لزَوجتِه ثم طلَّقَها وبانَت عندَ المَوتِ صَحَّت الوَصيةُ لها، ولو أَوصَى لأجنَبيةٍ ثم تزَوَّجها وماتَ وهي في نِكاحِه لا تَصحُّ الوَصيةُ لها.

وإنَّما اعتُبِرت الوِراثةُ وَقتَ مَوتِ المُوصي لا وَقتَ وَصيتِه؛ لأنَّ الوَصيةَ ليسَت بتَمليكٍ للحالِ ليُعتبَرَ كَونُه وارِثًا وَقتَ وُجودِها، بل هي تَمليكٌ عندَ المَوتِ، فيُعتبَرُ ذلك عندَ المَوتِ، وإنَّما تُردُّ الوَصيةُ وتَجوزُ إذا كانَ لها حُكمٌ ولا يَكونُ لها حُكمٌ إلا بعدَ مَوتِ المُوصي حتى تَجبَ أو تَبطُلَ (١).

قالَ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ: قالَ: (ومَن أُوصيَ له وهو في الظاهِرِ وارِثٌ فلم يَمُتِ المُوصي حتى صارَ المُوصَى له غيرَ وارِثٍ فالوَصيةُ له ثابِتةٌ؛ لأنَّ اعتِبارَ الوَصيةِ بالمَوتِ).

لا نَعلمُ خِلافًا بينَ أهلِ العِلمِ في أنَّ اعتِبارَ الوَصيةِ بالمَوتِ، فلو أَوصَى لثَلاثةِ إِخوةٍ له مُتفرِّقينَ ولا وَلدَ له وماتَ قبلَ أنْ يُولدَ له وَلدٌ لم تَصحَّ الوَصيةُ


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٣٧)، و «الهداية» (٤/ ٢٣٣)، و «العناية» (١٦/ ٦٨)، و «تبيين الحقائق» (٦/ ١٨٢)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٣٧٢، ٣٧٣)، و «الدر المختار» (٦/ ٦٥١)، و «حاشية الصاوي» (١١/ ١٦)، و «الأم» (٤/ ١٠٨)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٣٧٥)، و «المغني» (٦/ ٦٤)، و «الإنصاف» (٧/ ٢٠٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٤٤٩)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>