وهذا الخِلافُ عندَ الحَنفيةِ بينَ الصاحِبَينِ وأبي حَنيفةَ في المُرتدِّ، أمَّا المُرتدةُ فتَصحُّ وَصيتُها بالإِجماعِ عندَهم؛ لأنَّها لا تُقتلُ.
قالَ الإِمامُ الزَّيلَعيُّ ﵀: قالَ في «الهِداية» في المُرتدةِ: الأصَحُّ أنَّه تَصحُّ وَصاياها؛ لأنَّها تَبقى على الرِّدةِ بخِلافِ المُرتدِّ؛ لأنَّه يُقتلُ أو يُسلِمُ، فجعَلَها كالذِّميةِ.
وقالَ السُّغناقيُّ في «النِّهاية»: وذكَرَ صاحِبُ الكِتابِ في الزِّياداتِ على خِلافِ هذا.
وقالَ بعضُهم: لا تَكونُ بمَنزلةِ الذِّميةِ، وهو الصَّحيحُ، لا تَصحُّ منها وَصيةٌ، والفَرقُ بينَها وبينَ الذِّميةِ أنَّ الذِّميةَ تُقَرُّ على اعتِقادِها، وأمَّا المُرتدةُ فلا تُقَرُّ على اعتِقادِها.
قالَ الراجي عَفوَ رَبِّه: الأشبَهُ أنْ تَكونَ كالذِّميةِ فتَجوزُ وَصيتُها؛ لأنَّها لا تُقتلُ، ولهذا يَجوزُ جَميعُ تَصرفاتِها فكذا الوَصيةُ …
وذكَرَ العَتَّابيُّ في الزِّياداتِ أنَّ مَنْ ارتَدَّ عن الإِسلامِ إلى النَّصرانيةِ أو اليَهوديةِ أو المَجوسيةِ فحُكمُ وَصاياه حُكمُ من انتقَلَ إليهم، فما صَحَّ منهم صَحَّ منه، وهذا عندَهما، وأمَّا عندَ أَبي حَنيفةَ ﵁ فوَصيتُه مَوقوفةٌ ووَصايا المُرتدةِ نافِذةٌ بالإِجماعِ؛ لأنَّها لا تُقتلُ عندَنا.
وقالَ قاضي خان: المُرتدةُ: الصَّحيحُ أنَّها كالذِّميةِ فيَجوزُ منها ما جازَ من الذِّميةِ وما لا فلا (١).