للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ المالِكيةُ في قَولٍ والشافِعيةُ في الأظهَرِ والحَنابِلةُ في وَجهٍ ذكَرَه أَبو الخَطابِ إلى أنَّ مِلكَ الوَصيةِ مَوقوفٌ ومَعنى الوَقفِ هنا: عَدمُ الحُكمِ عليه عقِبَ المَوتِ بشَيءٍ، فإنْ قبِلَ المُوصَى له تَبيَّنَّا أنَّ المِلكَ ثبَتَ له من حين مَوتِ المُوصي.

وإنْ لم يَقبَلْ تَبيَّنَّا أنَّه لم يَملِكْ، وأنَّ المِلكَ بعدَ المَوتِ كانَ للوَرثةِ؛ لأنَّ المُوصَى به بعدَ مَوتِ المُوصي لا يَخلو إمَّا أنْ يُقالَ: إنَّه مِلكٌ للمَيتِ، أو يُقالَ: إنَّه دخَلَ في مِلكِ الوَرثةِ، أو يُقالَ: إنَّه قد ملَكَه المُوصَى له، أو يُقالُ: إنَّه مُراعًى، فبطَلَ أنْ يُقالَ: إنَّه مِلكٌ للمَيتِ؛ لأنَّه جَمادٌ لا يَملكُ، وبطَلَ أنْ يُقالَ: إنَّه مِلكٌ للوَرثةِ؛ لأنَّهم لا يَملِكونَ إلا بعدَ الدَّينِ والوَصيةِ، ولأنَّه خِلافُ الإِجماعِ، وبطَلَ أنْ يُقالَ: إنَّه قد دخَلَ في مِلكِ المُوصَى له؛ لأنَّه لو ملَكَه لمَا صَحَّ رَدُّه له كالمِيراثِ.

فإذا بطَلَت هذه الأَقسامُ ثبَتَ أنَّه مُراعًى.

وعلى هذا تَكونُ الثَّمرةُ والكَسبُ وسائِرُ زَوائِدِ المُوصَى به إنْ حصَلَت قبلَ مَوتِ المُوصي فهي له ولا تَتناوَلُها الوَصيةُ، وإنْ حصَلَت بعدَ المَوتِ وقبلَ القَبولِ فهي للمُوصَى له وعليه المُؤنةُ، ولو رَدَّه ولم يَقبَلْ يَكونُ ما ذكَرَ للوارِثِ.

قالَ الشافِعيةُ: ويُطالَبُ المُوصَى له بالنَّفقةِ إنْ توقَّفَ في قَبولِه ورَدِّه، فإنْ لم يَقبَلْ ولم يَردَّ خيَّرَه الحاكِمُ بينَهما، فإنْ أبَى حكَمَ عليه بالإِبطالِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>