للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ أَبو القاسِمِ بنُ السِّمَنانِيِّ الحَنفيُّ : ولو ماتَ المُوصي ثم ماتَ بعدَه المُوصَى له ولم يَقبَلْ ولم يَردَّ فهو قَبولٌ، ويَنتقِلُ عندَ عُلمائِنا الثَّلاثةِ.

وقالَ زُفرُ: يَكونُ لوَرثةِ المُوصي ولا يَملكُها المُوصَى له كما لا يَملكُ البَيعَ بمَوتِ المُشتَري قبلَ القَبولِ.

وشبَّهَ أَصحابُنا ذلك بمَن له الخيارُ إذا ماتَ بطَلَ خيارُه وملَكَ الوَرثةُ ذلك؛ لأنَّ الوَصيةَ لزِمَت من جِهةِ المُوصي بحيث لا يَلحقُها الفَسخُ (١).

وقالَ أَبو الوَليدِ بنُ رُشدٍ: واختَلفَ إنْ ماتَ المُوصَى له بعدَ مَوتِ المُوصي قبلَ أنْ يَقبلَ، فقيل: إنَّ وَرثتَه يَنزِلونَ في القَبولِ أو الرَّدِّ مَنزلتَه، وهو قَولُ مالِكٍ في «المُدوَّنة».

وقيلَ: إنَّ الوَرثةَ لا يَنزِلونَ مَنزلتَه في ذلك، وتَبطلُ الوَصيةُ وتَرجعُ مِيراثًا لوَرثةِ المُوصي، وإلى هذا ذهَبَ أَبو بَكرٍ الأبْهَريُّ حَكاه عنه عبدُ الوَهابِ في «المُدوَّنة».

والقَولُ الثاني: تَجبُ له بمَوتِ المُوصي دونَ القَبولِ، وهو أحدُ قَولَيِ الشافِعيِّ، فعلى قَولِه إنْ ماتَ المُوصَى له بعدَ مَوتِ المُوصي وجَبَت الوَصيةُ لوَرثتِه، ولم يَكنْ لهم أنْ يَردُّوها إلا على وَجهِ الهِبةِ لوَرثةِ المُوصي إنْ قبِلوا، واللهُ أعلَمُ (٢).


(١) «روضة القضاة وطريق النجاة» (٢/ ٦٨٢).
(٢) «المقدمات الممهدات» (٣/ ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>