للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاءَ في «المُدوَّنة الكُبرى»: إذا أَوصَى له وهو حَيٌّ ثم ماتَ المُوصَى له قبلَ مَوتِ المُوصي فقد بطَلَت وَصيتُه، كذلك قالَ لي مالِكٌ، وإنْ علِمَ المُوصي بمَوتِه فوَصيتُه باطِلةٌ (١).

وقالَ الماوَرديُّ: إنْ ماتَ المُوصَى له في حَياةِ المُوصي فالذي عليه جُمهورُ الفُقهاءِ أنَّ الوَصيةَ له قد بطَلَت، وليسَ لوارِثِه قَبولُها بعدَ مَوتِ المُوصي، وحُكيَ عن الحَسنِ البَصريِّ أنَّ الوَصيةَ لا تَبطلُ بمَوتِه ولوَرثتِه قَبولُها، وهذا فاسِدٌ من وَجهَينِ: أنَّ الوَصيةَ في غيرِ حَياةِ المُوصي غيرُ لازِمةٍ، وما ليسَ بلازِمٍ من العُقودِ يَبطلُ بالمَوتِ، ولأنَّ الوَصيةَ له لا لوَرثتِه، وهو لا يَملكُ الوَصيةَ في حَياةِ المُوصي (٢).

وهذا الاتِّفاقُ السابِقُ فيما لو كانَ الإِيصاءُ بغيرِ قَضاءِ الدَّينِ، فإنْ أَوصَى له بقَضاءِ دَينِه ثم ماتَ لم تَبطُلِ الوَصيةُ.

قالَ المِرداويُّ: لو ماتَ المُوصَى له بقَضاءِ دَينِه قبلَ مَوتِ المُوصي لم تَبطُلِ الوَصيةُ بلا نِزاعٍ؛ لأنَّ تَفريغَ ذِمةِ المَدينِ بعدَ مَوتِه كتَفريغِها قبلَه؛ لوُجودِ الشُّغلِ في الحالَينِ كما لو كانَ حَيًّا. ذكَرَه الحارِثيُّ (٣).


(١) «المدونة الكبرى» (١٥/ ٧٣).
(٢) «الحاوي الكبير» (٨/ ٢٥٧)، و «المهذب» (١/ ٤٥٣).
(٣) «الإنصاف» (٧/ ٢٠٤)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>