للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المالِكيةُ: الصِّيغةُ ما دَلَّ على مَعنى الوَصيةِ، وتَكونُ بلَفظٍ يَدلُّ عليها صَراحةً، ك «أوصَيتُ»، أو كانَ غيرَ صَريحٍ في الدِّلالةِ عليها، لكنَّه يُفهَمُ منه إِرادةُ الوَصيةِ بالقَرينةِ، ك «أعطُوا الشَيءَ الفُلانيَّ لفُلانٍ بعدَ مَوتي» (١).

وقالَ ابنُ شاسٍ: الوَصيةُ ليسَ لها لَفظٌ مَخصوصٌ، بل كلُّ لَفظٍ مُفهِمٍ قَصْدَ الوَصيةِ بالوَضعِ أو بالقَرينةِ، نَحوَ «أوصَيتُ»، أو «أعطُوه»، أو «جَعلتُه له»، أو «هو له» إذا فُهِمت الوَصيةُ بذلك (٢).

فإنْ كانَ اللَّفظُ مُحتمِلًا للوَصيةِ وغيرِها وذُكرَ فيه الثُّلثُ فالمُعتبَرُ ما فهِمَه الشاهِدانِ عندَ تَحمُّلِ الشَّهادةِ من الوَصيةِ أو الوَعدِ بها أو تَبتيلِ العَطيةِ، فإنْ أدَّيا على أنَّهما فَهِما مَعنى الوَصيةِ والقَصدَ إليها عُملَ على ذلك، وإنْ أدَّيا على أنَّهما فهِما الوَعدَ بعَطيةٍ في الحَياةِ لا على تَبتيلِ العَطيةِ ولا على مَعنى الوَصيةِ فلا يَجبُ له بذلك شَيءٌ، وإنْ كانا قد فهِما تَبتيلَ العَطيةِ كانَت وَصيةً؛ لأنَّها عَطيةٌ في المَرضِ، وإنْ لم يَكنْ عندَ الشاهدَينِ زِيادةٌ على ما تَقيَّد عنهما لحَملِ ذلك على مَعنى الوَصيةِ لأجلِ ذِكرِ الثُّلثِ (٣).

وقالَ الشافِعيةُ: صِيغةُ الوَصيةِ ما أشعَرَ بها من لَفظٍ أو نَحوِه كإِشارةٍ وكِتابةٍ صَريحًا كانَ أو كِنايةً.


(١) «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٦٩)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٤٨٦)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٤٣٦، ٤٣٧)، و «مواهب الجليل» (٨/ ٣٦٩)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٥٢٨)، و «الشرح الصغير» (١١/ ١).
(٢) «الذخيرة» (٧/ ٥٤).
(٣) «المعيار» (٩/ ٤٩٦)، و «البهجة في شرح التحفة» (٢/ ٥١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>