للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للفُقراءِ وفي سَبيلِ اللهِ. فقالَ لي رَسولُ اللهِ : «أَوصِ بالعُشرِ». فقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ مالي كَثيرٌ ووَرثَتي أَغنياءُ. فلم يَزلْ رَسولُ اللهِ يُناقِصُني وأُناقِصُه حتى قالَ: «أَوصِ بالثُّلثِ والثُّلثُ كَثيرٌ» (١).

وقالَ أَبو عبدِ الرَّحمنِ: لم يَكنْ أحدٌ منا يَبلُغُ في وَصيتِه الثُّلثَ حتى يَنقُصَ منه شَيئًا؛ لقَولِ النَّبيِّ : «الثُّلثُ والثُّلثُ كَثيرٌ».

وعلى هذا فالأفضَلُ للغَنيِّ الوَصيةُ بالخُمسِ، ونَحوُ هذا يُروَى عن أَبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ وعلِيِّ بنِ أَبي طالِبٍ وهو ظاهِرُ قَولِ السَّلفِ وعُلماءِ أهلِ البَصرةِ.

ولأنَّ أَبا بَكرٍ الصِّدِّيقَ أوصَى بالخُمسِ وقالَ: رَضيتُ بما رضِيَ اللهُ به لنَفسِه. يَعني قَولَه تَعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ [الأنفال: ٤١]، ورُويَ أنَّ أَبا بَكرٍ وعلِيًّا أَوصَيا بالخُمسِ، وعن علِيٍّ أنَّه قالَ: «لَأنْ أُوصيَ بالخُمسِ أحَبُّ إلَيَّ من الرُّبعِ».

وعن إِبراهيمَ قالَ: كانوا يَقولونَ: صاحِبُ الرُّبعِ أفضَلُ من صاحِبِ الثُّلثِ، وصاحِبُ الخُمسِ أفضَلُ من صاحِبِ الرُّبعِ.

وعن الشَّعبيِّ قالَ: كانَ الخُمسُ أحَبَّ إليهم من الثُّلثِ، فهو مُنتَهى الجامِحِ.


(١) رواه أَبو داود الطيالسي في «مسنده» (١٩٤)، وسعيد بن منصور في «سننه» (٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>