للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُلثِه، وهُم لا مَحالةَ من غيرِ قَرابتِه، ولا يُقالُ: لعلَّهم كانوا أَقاربَ المُعتِقِ؛ لأنَّا نَقولُ: لم تَكُنْ عادةُ العَربِ أنْ تَملِكَ مَنْ بينَها وبينَه قَرابةٌ، وإنَّما تَملِكُ مَنْ لا قَرابةَ له أو كانَ من العَجمِ، فلو كانَت الوَصيةُ تَبطلُ لغيرِ القَرابةِ لبطَلَت في هؤلاء (١).

قال ابنُ عبدِ البَرِّ : واختلَفوا فيمَن أوصَى لغيرِ قَرابتِه وترَكَ قَرابتَه الذين لا يَرِثونَ، فرُويَ عن عُمرَ أنَّه أوصَى لأُمَّهاتِ أَولادِه لكلِّ واحِدةٍ بأربَعةِ آلافٍ، ورُويَ عن عائِشةَ أنَّها أوصَت لمَولاةٍ لها بأَثاثِ البَيتِ، ورُويَ عن سالِمٍ مِثلُ ذلك، قالَ الضَّحاكُ: «إنْ أوصَى لغيرِ قَرابتِه فقد ختَمَ عمَلَه بمَعصيةٍ»، وقالَ طاوُسٌ: «مَنْ أوصَى فسَمَّى غيرَ قَرابتِه وترَكَ قَرابتَه مُحتاجينَ رُدَّت وَصيَّتُه على قَرابتِه»، ذكَرَه عبدُ الرَّزاقِ عن مَعمَرٍ عن ابنِ طاوُسٍ عن أَبيه، وهو مَشهورٌ عن طاوُسٍ، ورُويَ عن الحَسنِ البَصريِّ مِثلُه، وقالَ الحَسنُ أيضًا وجابِرُ بنُ زَيدٍ وسَعيدُ بنُ المُسيِّبِ: «إذا أوصَى لغيرِ قَرابتِه وترَكَ قَرابتَه فإنَّه يَردُّ إلى قَرابتِه ثُلثَي الثُّلثِ ويُمضي ثُلثَه لمَن أوصَى له»، وبه قالَ إِسحاقُ بنُ راهَوَيهِ، ذكَرَه إِسحاقُ الكَوسَجُ عنه، حَدَّثناه أَحمدُ بنُ مُحمدِ بنِ أَحمدَ وعُبَيدُ بنُ مُحمدٍ قالا: حدَّثَنا الحَسنُ بنُ سَلمَة قالَ: حَدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ الجارودِ قالَ: حدَّثَنا إِسحاقُ بنُ مَنصورٍ عن إِسحاقَ فذَكَره.


(١) «الأم» (٤/ ٩٩)، و «التمهيد» (١٤/ ٣٠٢)، و «المغني» (٦/ ٧٦)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٤٢٨)، و «فتح الباري» (٥/ ٣٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>