للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحَديثُ ابنِ عُمرَ مَحمولٌ على مَنْ عليه واجِبٌ أو عندَه وَديعةٌ (١).

وقالَ الإِمامُ النَّوويُّ عندَ حَديثِ: «ما حَقُّ امرِئٍ مُسلمٍ له شَيءٌ يُوصي فيه يَبيتُ لَيلتَينِ إلا ووَصيَّتُه عندَه مَكتوبةٌ»: فيه الحَثُّ على الوَصيةِ، وقد أجمَعَ المُسلِمونَ على الأمرِ بها، لكنَّ مَذهبَنا ومَذهبَ الجَماهيرِ أنَّها مَندوبةٌ لا واجِبةٌ.

وقالَ داودُ وغيرُه من أهلِ الظاهِرِ: هي واجِبةٌ لهذا الحَديثِ، ولا دِلالةَ لهم فيه، فليس فيه تَصريحٌ بإِيجابِها.

لكنْ إنْ كانَ على الإِنسانِ دَينٌ أو حَقٌّ أو عندَه وَديعةٌ ونَحوُها لَزِمه الإِيصاءُ بذلك، قالَ الشافِعيُّ : مَعنى الحَديثِ: ما الحَزمُ والاحتِياطُ للمُسلمِ إلا أنْ تَكونَ وَصيَّتُه مَكتوبةً عندَه، ويُستحَبُّ تَعجيلُها، وأنْ يَكتبَها في صِحتِه ويُشهِدَ عليه فيها، ويَكتبَ فيها ما يَحتاجُ إليه، فإنْ تَجدَّد له أمرٌ يَحتاجُ إلى الوَصيةِ به ألحَقَه بها، قالوا: ولا يُكلَّفُ أنْ يَكتبَ كلَّ يَومٍ مُحقَّراتِ المُعامَلاتِ وجُزئياتِ الأُمورِ المُتكرِّرةِ، وأمَّا قَولُه : «ووَصيَّتُه مَكتوبةٌ عندَه» فمَعناه: مَكتوبةٌ، وقد أشهَدَ (٢).

وقالَ الإِمامُ زَينُ الدِّينِ العِراقيُّ: قد أجمَعَ المُسلِمونَ على الأمرِ بها، أي: الوَصيةِ، لكنَّ مَذهبَ مالِكٍ والشافِعيِّ وأَحمدَ وأَبي حَنيفةَ والجُمهورِ أنَّها مَندوبةٌ لا واجِبةٌ (٣).


(١) «المغني» (٦/ ٥٥).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (١١/ ٧٤، ٧٥).
(٣) «طرح التثريب» (٦/ ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>