للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد أجمَعَ المُسلِمونَ على الأمرِ بها، لكنَّ مَذهبَنا ومَذهبَ الجَماهيرِ أنَّها مَندوبةٌ لا واجِبةٌ (١).

وقالَ الإِمامُ زَينُ الدِّينِ العِراقيُّ: قد أجمَعَ المُسلِمونَ على الأمرِ بها، أي: الوَصيةِ، لكنَّ مَذهبَ مالِكٍ والشافِعيِّ وأَحمدَ وأَبي حَنيفةَ والجُمهورِ أنَّها مَندوبةٌ لا واجِبةٌ (٢).

وقالَ الإِمامُ الكاسانِيُّ: وأمَّا الإِجماعُ؛ فإنَّ الأُمةَ من لَدُنْ رَسولِ اللهِ إلى يَومِنا هذا يُوصونَ من غيرِ إِنكارٍ من أحدٍ، فيَكونُ إِجماعًا من الأُمةِ على ذلك (٣).

وقالَ الحِصنيُّ: أجمَعَ المُسلِمونَ على استِحبابِها (٤).

وأمَّا القِياسُ أو المَعقولُ فهو أنَّ الإِنسانَ يَحتاجُ إلى أنْ يَكونَ خَتمُ عَملِه بالقُربةِ زيادةً على القُرَبِ السابِقةِ على ما نطَقَ به الحَديثُ، أو تَداركًا لمَا فرَطَ في حَياتِه؛ لأنَّ الإِنسانَ مَغرورٌ بأَملِه، مُقصِّرٌ في عَملِه، فإذا عرَضَ له المَرضُ وخافَ الهَلاكَ يَحتاجُ إلى تَلافي بَعضِ ما فرَطَ منه، من التَّفريطِ بمالِه على وَجهٍ لو مَضى فيه يَتحقَّقُ مَقصِدُه المآلِيُّ، ولو أنهَضَه البُرءُ واتَّسعَ الوَقتُ وأحوَجَه إلى الانتِفاعِ به صرَفَه إلى مَطلبِه الحالِيِّ، فشرَعَها الشارِعُ


(١) «شرح صحيح مسلم» (١١/ ٧٤).
(٢) «طرح التثريب» (٦/ ١٦١).
(٣) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٣٠).
(٤) «كفاية الأخيار» (٣٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>