والثانِي: يَجوزُ لأنَّ مُطلَقَ النذرِ يُحملُ على ما تقرَّرَ في الشَّرعِ، والهَدي والأُضحيةُ المَعهودةِ في الشرعِ يَجوزُ الأَكلُ منها فحُملَ النَّذرُ عليها.
والثَّالثُ: أنَّه إنْ كانَ أُضحيةً جازَ أنْ يَأكلَ منها؛ لأنَّ الأُضحيةَ المَعهودةَ في الشَّرعِ يَجوزُ الأَكلُ منها، وإنْ كانَ هديًا لمْ يَجزْ أنْ يَأكلَ منه لأنَّ أَكثرَ الهَدايا في الشَّرعِ لا يَجوزُ الأَكلُ منها فحُملَ النَّذرُ عليها» (١).
قالَ الإمامُ النَّوويُّ ﵀ في شَرحِه لكَلامِ الشِّيرازيِّ: «الحالُ الثانِي: أنْ يَكونَ الهَديُ أو الأُضحيةُ مَنذورًا، قالَ الأَصحابُ: كلُّ هَديٍ وجَبَ ابتِداءً مِنْ غيرِ التِزامٍ كدمِ التَّمتعِ والقِرانِ وجُبراناتِ الحَجِّ لا يَجوزُ الأَكلُ منه بلا خِلافٍ، فلو أكَلَ منه غرِمَ، ولا يَجبُ إِراقةُ الدَّمِ ثانيًا، وفيما يَغرمُه أَوجهٌ أَصحُّها: وهو نَصُّه في القَديمِ يَغرمُ قيمةَ اللَّحمِ، كما لو أتلَفَه غيرُه.
والثانِي: يَلزمُه مِثلُ ذلك اللَّحمِ فيَتصدَّقُ به.
والثَّالثُ: يَلزمُه شِقصٌ مِنْ حَيوانٍ مِثلِه، ويُشاركُ في ذَبيحةِ؛ لأنَّ ما أكَلَه بطَلَ حُكمُ إِراقةِ الدمِّ فيه فصارَ كما لو ذبَحَه وأكَلَ الجَميعَ فإنَّه يَلزمُه دمٌ آخرُ.
وأمَّا المُلتزِمُ بالنَّذرِ مِنْ الهدايا، فإنَّ عيَّنَه بالنَّذرِ عما في ذِمتِه مِنْ دمِ حَلقٍ أو تَطيُّبٍ ولِباسٍ وغيرِ ذلك لمْ يَجزْ له الأَكلُ منه، كما لو ذبَحَ شاةً بهذه النِّيةِ بغيرِ نَذرٍ وكالزَّكاةِ.