للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في قولٍ والحَنفيةُ في ظاهرِ الرِّوايةِ -كما سيَأتي- إلى أنَّ نَذرَ اللِّجاجِ والغَضبِ يَلزمُ الوَفاءُ به كنَذرِ التَّبَرُّرِ كمَن قالَ حالَ غَضبِه: «إنْ دخلْتُ دارَ زَيدٍ فعليَّ كذا». وهو يَقصدُ مَنعَ نَفسِه مِنْ شيءٍ ومُعاقبتَها فيَلزمُه الوَفاءُ به كنَذرِ التَّبَرَّرِ؛ لأنَّ اختِلافَ الحالِ التي عقَدَ عليها النَّذرَ لا يُوجبُ سُقوطَ المَنذورِ وإِلزامَ غيرِه أصلَه حالَ التَّبَرُّرِ، ولأنَّها قُربةٌ ألزَمَها نفسَه على وجهِ النَّذرِ فإذا وُجدَ شَرطُها لمْ يَجزْ إِسقاطُهما كالحجِّ.

قالَ الموَّاقُ : «ولو غَضبانَ».

وقالَ ابنُ رُشدٍ: «نَذرُ الغَضبِ لازمٌ اتِّفاقًا كيَمينِه».

وقالَ ابنُ بَشيرٍ: «قد قدَّمْناه أنَّ التِزامَ كلِّ الطاعاتِ يَلزمُ عندَنا كانَ على وَجهِ الرِّضا أو على سَبيلِ اللِّجاجِ، وهذا هو المَشهورُ وقد حَكى الأَشياخُ أنَّهم وقَفُوا على قَولِه لابنِ القاسمِ: «علَّقْتُ أنَّه ما كانَ مِنْ هذا القَبيلِ على سَبيلِ اللِّجاجِ والحَرجِ يَكفي فيه كَفارةُ يَمينٍ وهذا هو أَحدُ أَقوالِ الشافِعيِّ».

وكانَ مَنْ لقِيناه مِنْ الشُّيوخِ يَميلُ إلى هذا المَذهبِ ويَعدُّونَه نَذرًا في مَعصيةٍ فلا يَلزمُه الوفاءُ». انتهى

وقد تقدَّمَ في الصِّيامِ مِنْ هذا المَعنى عن شَيخِ الشُّيوخِ ابنُ لُبٍّ وأن كَفارةَ ذلك كَفارةُ يَمينٍ ورشَّحَه ابنُ عَبدِ البِرِّ قائلًا: «الحالفُ بالطاعةِ عندَ اللِّجاجِ والغَضبِ عن قَصدِ العِبادةِ بمَعزلٍ».

<<  <  ج: ص:  >  >>