للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمَذهبُ الثانِي: وهو مَذهبُ المالِكيةِ في المَشهورِ والحَنابِلةِ في المَذهبِ أنَّها تَنعقدُ على التَّكرارِ في البِرِّ والحِنثِ، وإنْ خَرجَت مَرةً بإذنٍ بَرَّ، ولَم يَنحلَّ اليَمينُ، وإن خَرجَت مَرةً بغيرِ إذنٍ حنِثَ، ولَم تَسقطِ اليَمينُ؛ لأنَّه علَّقَ الطَّلاقَ على شرطٍ وقد وُجدَ فيَقعُ الطَّلاقُ كما لو لَم تَخرجْ بإذنِه (١).

قالَ الحَنابِلةُ: إذا قالَ لزَوجتِه: «إنْ خَرجتِ بغيرِ إذنِي فأنتِ طالقٌ» أو «إنْ خَرجتِ إلا بإذنِي فأنتِ طالقٌ» أو «إنْ خَرجتِ حتى آذنَ لكِ فأنتِ طالقٌ» ثم أذِنَ لها فخَرجَت ثم خَرجَت بغيرِ إِذنِه طلُقَت؛ لأنَّ «خرَجَت» نَكرةٌ في سِياقِ الشَّرطِ، وهي تَقتَضي العُمومَ فقد صدَقَ أنَّها خرَجَت بغيرِ إذنِه إلا أنْ يَنويَ الإذنَ مَرةً ويَأذنَ لها فيه ثم تَخرجُ بعدُ فلا حِنثَ، أو يَقولَ الإذنَ مَرةً بلفظِه بأنْ يَقولَ: «إنْ خَرجتِ إلا بإذنِي مَرةً فأنتِ طالقٌ» فإذا أذِنَ فيه مَرةً لَم يَحنَثْ بخُروجِها بعدُ بغيرِ إذنِه، وأما إنْ قالَ: «إنْ خَرجتِ مَرةً بغيرِ إذنِي فأنتِ طالقٌ» ثم أذِنَ لها في الخُروجِ ثم خرَجَت بغيرِ إذنِه حنِثَ؛ لأنَّ الخُروجَ الثانِي خُروجٌ غيرُ مَأذونٍ فيه وهو مَحلوفٌ عليه أَشبهَ ما لو خرَجَت ابتِداءً بغيرِ إذنِه.

فإنْ أذِنَ لها في الخُروجِ كُلَّما شاءَت بأنْ قالَ لها: «اخرُجي كُلَّما شِئتِ» لَم تَطلُقْ بخُروجِها للإِذنِ العامِّ فلَم تَخرجْ إلا بإذنِه (٢).

والمَذهبُ الثالِثُ: وهو مَذهبُ الحَنفيةِ، قالوا: إذا حلَفَ على امرَأتِه


(١) «التاج والإكليل» (٢/ ٣٢٥، ٣٤١)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٧٨)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٣٩٨، ٤١٧)، و «منح الجليل» (٣/ ٣٥).
(٢) «المغني» (١٠/ ٤٦)، و «الكافي» (٤/ ٤٠٧)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٤٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ٣٥٤، ٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>